لأول مرة يظهر في الإعلام الإسرائيلي تقرير إخباري يفيد بأن بنيامين نتنياهو رئيس حزب «ليكود» ومعسكر اليمين، بدأ يرتب لخلافته، بل وحدد أسماء الشخصيات التي يريدها أن تخلفه في الحكم. وهو تقرير يدعو للتساؤل عن دوافعه لهذا التناول. ذلك أن قيادياً في «ليكود» أبلغ موقع «والا» الإخباري أنه كان في اجتماع مغلق حضره نتنياهو وأنه سمعه يحدد اسمين قال إنهما صالحين لخلافته في قيادة الحكومة الإسرائيلية بعد أن يعتزل هو الحياة السياسية، وهما «يوسى كوهين» رئيس جهاز المخابرات الخارجية (الموساد)، و«رون ديرمر» سفير إسرائيل في واشنطن.
وأفاد الشخص الذي أبلغ الموقع بالنبأ وطلب عدم ذكر اسمه، أن الحاضرين أصيبوا بالدهشة لأن نتنياهو قرر أن يرشح شخصيات من خارج «ليكود» لقيادة الحزب والبلاد، وتجاهل القيادات الحزبية العريقة داخل «ليكود» نفسه، مثل الوزير السابق جدعون ساعر الذي يتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب وبين جماهير معسكر اليمين، والذي دأب على منافسة نتنياهو، ومثل جلعاد أردان وزير الأمن الداخلي الذي يتمتع هو الآخر بشعبية داخل الحزب.
ومعروف أن نتنياهو يقود حزب «ليكود» بدهاء يمكّنه دائماً من إضعاف منافسيه الأقوياء على زعامة الحزب ودفعهم إلى هامش منطقة النفوذ الحزبي، ليظل هو محتفظاً بالزعامة، كما أنه يحرص دائماً على اختيار القياديين الموالين لشخصه في مناصب الدولة العليا ذات التأثير على أداء الحكومة المنتخبة، مثل منصب المستشار القضائي للحكومة، ومثل وزير القضاء، على سبيل المثال لا الحصر. لقد استبعد مؤخراً من المنصب الأخير إحدى تلميذاته في معسكر اليمين «إيليت شاكيد»، كما استبعد زميلها «نفتالي بينت» من منصب وزير التعليم بعد أن عبر الاثنان عن انتقاد لسياساته، بهدف كسب مؤيدين لحزبهما «اليمين الجديد»، والذي يعد أشد تطرفاً من «ليكود» في التعامل مع القضية الفلسطينية. إن حزب «اليمين الجديد» يرفض رفضاً قاطعاً فكرة إقامة دولة فلسطينية، على عكس نتنياهو الذي يناور حول الفكرة؛ فمرة يعلن قبوله بها كما فعل في خطابه الشهير بجامعة بار إيلان عام 2009 ليتفادى الصدام مع الرئيس الأميركي باراك أوباما آنذاك، ثم عاد في انتخابات تالية ليعلن لجمهور اليمين أنه طالما بقي في الحكم فلن تقوم دولة فلسطينية.
لقد قال نتنياهو لمن اجتمع بهم وحدثهم عن خلفائه المفضلين، إنه لا ينوى التقاعد من الحياة السياسية قريباً، بما يعنى أن حديثه عن الخلافة ليس مؤشراً على قرب انصرافه من الحياة السياسية. لذا فقد رأى المحللون أن لحديثه مرمى آخر، هو العمل على تهميش منافسيه الكبار داخل الحزب من خلال القول ضمنياً إنهم لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة لإدارة الشؤون الداخلية والسياسة الخارجية، بدليل ترشيحه لشخصين مقربين منه يتمتعان بالكفاءة في مجال السياسة الخارجية.
وكانت أنباء قد ترددت منذ أسابيع حول مفاوضات سرية يجريها قياديون كبار في «ليكود» مع حزب «كاحول لافان» بقيادة الجنرال جانتس، لتشكيل حكومة وحدة وطنية يستبعد منها نتنياهو ويحل محله قائد جديد لـ«ليكود» بعد أن يفشل نتنياهو في تكوين الحكومة الجديدة بعد انتخابات 17 سبتمبر المقبل، مثلما فشل بعد انتخابات 9 أبريل الماضي.

*أستاذ الدراسات العبرية -جامعة عين شمس