ذهبت الإمارات إلى اليمن لدحر الانقلاب ودعم الشرعية، ضمن تحالف تقوده المملكة العربية السعودية، وبطلب من الحكومة اليمنية نفسها، التي أصبحت للأسف الشديد تصدر بيانات غير مسؤولة ومتناقضة، ولا معنى لها سوى توفير مادة للتشكيك المستمر بدور وجهود الإمارات، التي قدمت تضحيات غالية وشهداء من خيرة أبنائها الأبطال. وهي تضحيات لا تقدر بثمن، لأن جنودنا كانوا يقاتلون بشجاعة واستبسال في الصفوف الأولى، بشهادة الجميع. بينما ظلت رموز الشرعية تراقب من الفنادق وتصيغ طلباتهم لقوائم معسكرات وهمية، وتريد أن تتباكى وتعيد ممارسة فسادها في المجتمع اليمني المنكوب بالانقلاب الحوثي والشرعية الفاسدة معاً.
والسؤال الآن هو كيف بإمكان الشرعية أن تقطف ثمار انتصارات لم تبذل فيها الكثير، إلى أن تم دحر الحوثيين من أجزاء واسعة من اليمن، جنوباً وشرقاً. بينما جمدت الشرعية جبهاتها مع الحوثي شمالاً. وبعد تحرير المحافظات الجنوبية ذات المساحة الكبيرة، كان الفراغ الأمني وضعف وفساد الحكومة اليمنية يلقي أعباء متزايدة على الشريك الإماراتي، ورغم ذلك لم تتوان الإمارات عن تقديم العون الشامل للسكان.
وبدلاً من الثناء على جهود الإمارات، وجدنا الفاشلين والمتخاذلين يوجهون سهام انتقاداتهم غير المبررة نحو نجاح الإمارات، رغم أنها بادرت للقيام بما عليها على أكمل وجه. فعلى الصعيد العسكري لا ينكر جهود الإمارات في اليمن إلا جاحد، أو ينقصه بعد النظر الاستراتيجي. ولولا جهود الإمارات لما تحررت مناطق ومحافظات جنوب وشرق اليمن، بما فيها مأرب التي يريد حزب «الإصلاح» الإخواني أن يحولها إلى إمارة مستقلة للتنظيم كما تفعل «حماس» في غزة.
وإلى جانب جهود الإمارات العسكرية المشرفة، هناك العمل الإغاثي وجهود الهلال الأحمر الإماراتي، الذي غطى بخدماته مساحات وفئات اجتماعية واسعة في اليمن على امتداد المحافظات المحررة. ولا ننسى أن الفراغ الأمني كاد أن يسلب الانتصار، لأن الجماعات الإرهابية كانت تتربص بالمناطق المحررة، لكن الإمارات انتصرت مرة أخرى عندما أعاقت الجماعات الإرهابية ومنعتها من استغلال الفراغ الأمني. هذا فيما كان قادة الحكومة الشرعية يرقصون في الفنادق وبعضهم يتاجرون بمواد الإغاثة والمحروقات.
والأخطر من ذلك أن الفشل تعمق لدى ممثلي الشرعية اليمنية، رغم العون والمدد الذي تم تقديمه إليهم، وبدلاً من إعادة النظر في القوائم الوهمية التي يقدمونها للتحالف، لم تتحرك الشرعية بشكل عملي لملء الفراغ وتقديم الخدمات وإنهاء أخطاء الماضي.
كما تكمن الإشكالية في أن ملفات الفساد والعبث في اليمن تراكمت منذ عقود، وهناك إرث قديم من التململ وعدم الرضا أسس حاضنة شعبية واسعة لليأس وعدم الثقة بالفاسدين، وهذا الأمر لا يد للإمارات فيه لأن جذوره قديمة. فلماذا تريد السلطة الشرعية في اليمن التنصل من الفشل والأخطاء الكارثية التي تمارسها، ثم تلقي باللوم على الإمارات؟ في هذه الحالة لا نرى إلا الفشلَ وهو ينتقد النجاح!
لقد بذلت الإمارات أقصى جهودها، بينما كان الاسترخاء والكسل واستثمار الحرب اقتصادياً هو السلوك المشترك بين الحوثيين و«السلطة الشرعية». وهو سلوك مستغرب، لأنه سعى إلى إحباط جهود من لبوا نداء الواجب الأخوي لمساعدة اليمن، ثم فوجئنا مؤخراً بتحميل الإمارات مسؤولية رفض السكان في جنوب اليمن للفساد والفشل الحكومي، رغم أن هذا شأن يمني داخلي.
صدور البيان الحكومي اليمني المسيء للإمارات ترافق مع خطاب لمندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، اتهم الإمارات بدعم من يرفضون فساد الشرعية وعجزها في جنوب اليمن، مما استدعى الرد الإماراتي الصريح، لأن صفحة الإمارات خلال السنوات الماضية بيضاء، وما قدمته من تضحيات شهد بها اليمنيون أنفسهم. لذلك عبّرت الإمارات عن رفضها للمزاعم المسيئة لجهودها، وجاء في خطاب الدولة أمام الاجتماع الوزاري الخاص الذي عقده مجلس الأمن الدولي مؤخراً: «ليس من اللائق أن تعلق الحكومة اليمنية شمّاعة فشلها السياسي والإداري على دولة الإمارات، والذي تجلى في البيان السلبي للحكومة». فالإمارات لا تدعم سوى الاستقرار. وندرك أن الحملات الإعلامية المغرضة التي تطال بلادنا لم تكن وليدة الأسابيع والأيام الماضية، بل بدأت بحقد دفين من قبل أذرع إخوانية موالية للدويلة التي انسحبت من التحالف وانضمت إلى الجوقة الإيرانية والتركية.

*كاتب إماراتي