أكد البيان المشترك الإماراتي السعودي، الصادر قبل يومين، استمرار الجهود المشتركة لإغاثة الشعب اليمني، واستنكر حملة التشويه ضد الإمارات على خلفية أحداث اليمن الأخيرة. هذا فيما رحبت الحكومة اليمنية بالوقف الفوري لإطلاق النار، وبتسليم المقرات المدنية في «عدن» تحت إشراف قوات التحالف العربي، وسط ترحيب بدعوة المملكة العربية السعودية لحوار يمني في جدة.
وأعربت حكومتا البلدين عن رفضهما للاتهامات وحملات التشويه بحق دولة الإمارات على خلفية الأحداث الأخيرة، مذكرتين بالتضحيات التي قدمتها قوات التحالف على أرض اليمن بدافعٍ من الروابط الأخوية الصادقة وصلة الجوار، ورغبةً في الحفاظ على أمن المنطقة ورخاء شعوبها.
لقد أغلق البيان المشترك الطريق على الميليشيات وأشباه الدول التي تروج للفتنة بين اليمنيين، بهدف عرقلة تحرير اليمن من قبضة الحوثيين التابعين لإيران، ولإطالة أمد الحَرْب. يمكن لأي متابع للشأن اليمني، أن يقرأ تقاطع «حزب الإصلاح» الإخواني وجماعة الحوثي في عدة وقفات، تأكيداً لما يجمع بينهما من أهداف، وعلى رأسها إفشال منطق الدولة الوطنية في اليمن، وإحداث الفوضى.. وهذا ما تحرض عَلَيه إيران لتمد نفوذها في أرجاء المنطقة. وكدليل آخر يثبت التخادم بين «الإصلاح» والحوثيين، عثرت القوات الشرعية على جثث مقاتلين يتلقون رواتب من التحالف وبحوزتهم هويات «الإصلاح» اليمني، بمحافظة صعدة. وبعد أحداث عدن الأخيرة قام المجلس الانتقالي باسترجاع مواقع «الإصلاح» (الإخوان)، وبذلك خسر الحوثيون خلاياهم «الإخوانية» في عدن، فهرع وفد الحوثي إلى طهران لأخذ التوجيهات منها.
وكما أن استهداف «القاعدة» و«داعش»، ومن ورائهما إيران، لعدن، هو استهداف للتفاهمات الدولية حول اليمن وللجهد السعودي الإماراتي المتواصل في هذا الإطار، فإن احتجاز إيران للسفينة البريطانية يستهدف هو كذلك عدن، باعتبار العلاقات الاستراتيجية القديمة بين بريطانيا وجنوب اليمن، وارتباطها بمضيق باب المندب، وكذلك جهود التحالف الدولي لحماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز، وفقدان إيران سيادتها البحرية التي لطالما تحدثت عنها مهددة بإغلاق هرمز! ونتذكر زيارة وزير خارجية بريطانيا إلى عدن قبل أشهر قليلة، والزيارة التي أداها عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، لمجلس العموم البريطاني، حيث قال أمام أعضائه إن «علاقتنا مع بريطانيا علاقة شراكة»، وهو ما زاد انزعاج إيران. هذا علاوة على تصريح مايكل آرون، السفير البريطاني في اليمن، حيث قال: «لا سلام ولا تسوية سياسية في اليمن إلا بتطهيره من أي وجود إيراني».
ويعود تخوف الحوثيين وحزب «الإصلاح» من توجهات الحراك الجنوبي، إلى خشيتهم من أن يصبح الجنوب طرفاً سياسياً يدخل في نظام الدولة الوطنية كنموذج ليمن جديد، ما يشكل إحراجاً للحوثي الذي ينفذ سياسة إيران المعروفة بمعاداتها للدولة الوطنية وللنظام الدولي.
ولعله من المطمئن في هذا الخصوص أن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤكد بقاءه ضمن الشرعية، تأكيداً لما يعلمه الجميع من أن المشكلة الحالية تعود إلى الحرب الأهلية اليمنية عام 1994، حيث تم تهميش الجنوب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فيما تركزت السلطة السياسية بأيدي قبائل الشمال، ما أدى لتزايد الخلافات الداخلية. الطرفان، الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي،  سيتمكنان -بمساعدة دول التحالف بقيادة السعودية- من التغلب على هذه المشكلات مستقبلاً، وهذا ما نأمله.

*سفير سابق