قبل أيام تحدث باحثٌ وعالم فلكٍ خليجي عن التسامح في بلاده، فقال إنها كانت أرضاً للتسامح منذ 300 سنة، وإنها لم تشهد خلافاً بين أصحاب المذاهب الإسلامية، وأن اليهود في بلاده كانوا تجاراً ولديهم سوق خاص وكنيس، وقد غادروا مع نهاية الخمسينيات. وهذا الحديث يأتي في سياق التسامح الديني الذي صار من القيم العليا في عموم المنطقة في الآونة الأخيرة.
ويستعرض الإعلام ضحايا موجات الحرّ الشديد التي لم توفر بلداً حول العالم خلال الفترة الماضية، فهناك 400 ضحية حر في هولندا مثلاً، و18 ألف حالة إعياء بسبب الحر في اليابان، وقد بلغت درجة الحرارة في بعض الولايات الأميركية مستويات هي الأعلى منذ مئة عام، ولا تزال غابات الأمازون تحترق إلى هذه اللحظة. وكل هذه الأخبار المؤسفة تجعل مَن استخفوا في الماضي بقضية التغير المناخي يراجعون مواقفهم، فالانشغال بالبيئة ليس ترفاً وهدراً للمال.
وتعمل إدارة الرئيس الأميركي على إدراج تنظيم «الإخوان المسلمين» على قائمة خاصة بالجماعات الإرهابية الأجنبية، بحسب المتحدث باسم البيت الأبيض، وأن هذا الإدراج يأخذ مساره داخل الدوائر الداخلية لصنع القرار في الولايات المتحدة الأميركية، ما يسمح بفرض عقوبات على أي شخص أو جماعة على صلة بهذا التنظيم. وهكذا ينكشف هذا التنظيم أكثر وأكثر، ويضيق الخناق عليه، ويفقد المزيد من ملاذاته الآمنة.
ولئلا ينفرط عقد هذا المقال، سأتوقف عن سرد المزيد من التعليقات على موضوعات يبدو أنه لا رابط بينها، لكن ثمة رابط في اعتقادي يتعلق بالرؤية الإماراتية لتلك الموضوعات، فالتسامح، والتنوير، وتجديد الخطاب الديني، وكشف ألاعيب الإسلام السياسي، والوقوف في وجه المؤامرة القطرية، والتصدي للمشروع الإيراني الخطير، وفضح أدواته في الدول العربية، والتحالف الاستراتيجي مع المملكة العربية السعودية، والمرأة ودورها وحقوقها، والتغير المناخي والبيئة.. كل هذه الملفات، وغيرها، كانت الرؤية الإماراتية فيها سبّاقة على مستوى العالم أو على مستوى المنطقة، والأيام والأحداث هي التي أثبتت صحة الرؤية الإماراتية.
ولا يتسع المقام لتأريخ موقف الإمارات من كل تلك الملفات، لكننا نعرف مثلاً أنّ الملف البيئي حظي باهتمام مبكر من قبل الإمارات، وأنّ التمكين للمرأة والسعي نحو المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والفرص كان ركيزة من ركائز الدولة منذ قيامها، وأن للإمارات قدم السبق في طرح التسامح الديني كقيمة إنسانية عليا على مستوى الدول والأفراد، وأنه في الوقت الذي كانت فيه بعض الدول تفتح الأبواب لـ«الإخوان»، أو تقف مكتوفة الأيدي أمام مخططاتهم، كانت الإمارات تتخذ المواقف الصريحة والواضحة ضد كل تنظيمات الإسلام السياسي.
والأيام والأحداث، لا الإعلام ولا الكلام، هي التي أثبتت للعالم الصواب الإماراتي، وكشفت عن حكمة قادة هذا البلد وشجاعتهم، فقد تعرضت هذه المواقف، وعلى مرّ السنوات، لسوء فهم هذه الدولة أو تلك، أو لسوء الظن، أو للتشكيك، فضلاً عن المغرضين أو فاقدي الهمّة والبصيرة الذين لا يزالون يطيلون ألسنتهم بالباطل والجهل ضد المواقف الإماراتية.