جملة عفوية وصادقة، قالها سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، عندما سأله أحد الصحفيين عن متانة العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فرد الأمير قائلاً: «السعودي إماراتي والإماراتي سعودي»، وهو رد حاسم على كل من حاول -أو ما زال يحاول- الاصطياد في الماء العكر لخلق قضية وهمية تهدف إلى التشويش على العلاقات المتينة والراسخة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كدولتين تجمعهما عوامل ومحددات كثيرة مثل المصير المشترك والهدف الواحد والموقف المتسق في مواجهة كل ما يهدد سلمهما، والاتفاق على كل ما يعزز استقرار المنطقة وأمنها الإقليمي.
قبل أيام من الآن، وفي أول يوم لي في سوق عكاظ التاريخي بمدينة الطائف بالسعودية، وجدت أقدامي تأخذني إلى جناح الإمارات الحبيبة، في شوق عارم إلى معانقة تراث الأحبة، وتذوق نكهات أطباقهم، والتطيب بعبق بخورهم، والاستمتاع بمشاهدة حِرفهم اليدوية، وسماع قصائدهم الشعرية الرقيقة، فوجدت الوجوه البشوشة تستقبلنا بـ«مرحباً الساع»، والقلوب الطيبة تحتضننا بكل حب، ولم نلبث سوى دقائق حتى صدحت على مسرح جناح الإمارات «عاش سلمان ملكنا»، فهاج وماج الحضور، إماراتيين وسعوديين، مرددين كلمات الأغاني بنشوة وحب وتفاعل لا ترجمة له إلا التقدير المتبادل والعلاقة المميزة جداً والراسخة جداً، والتي تحولت أمامها كل محاولات التشويش إلى ما يشبه مناطحةَ اليائس للصخر!
نعم يا سادة، السعودي إماراتي والإماراتي سعودي، وهذا شعور لا يفهمه مَن يحاول إشعال الفتنة وخلق الفرقة بين البلدين الشقيقين. لن يفهم هذه العلاقة الخاصة جداً والمميزة جداً مَن فقد ثقة جيرانه وخسر محبتهم وكسر كل جسور الود والترابط بينه وبينهم، ليبدأ في محاولات نقض هذه العلاقة المميزة حسداً ونكاية وغلاً دفيناً صنعه لنفسه نظامٌ جائر فاسد وآلة إعلامية مدلِّسة. إنها «دولة قطر» التي كانت يوماً ما تعد الشقيقة التي تخطيء فنصفح، وتصفع فنسمح، وتتآمر فنعفو.. إلى أن امتلأ الوفاض من الخيانات والمؤامرات والدسائس التي جعلتها كورم يتعين استئصاله.
لا شيء يستطيع تعكير صفو العلاقة التاريخية بين المملكة والإمارات، العلاقة التي امتدت منذ تأسيس الاتحاد المبارك على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، واللقاء العظيم الذي سُطِّر في أنصع صفحات التاريخ بينه وبين المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود «طيب الله ثراه»، والذي سبقته برقيات ومراسلات ودية بين الزعيمين محفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني حالياً. لقد كانت هذه المراسلات العظيمة نواة للعلاقة التي حفرها في أخاديد الصحراء رجال صنعوا التاريخ، وعبروا بوابته وصنعوا الجغرافيا بهمة وكرامة وإباء. زعيمان اتفقا على تقاسم «الحلوة والمرة» وسطرَا حكايةً عكست ما ننعم به من عمق العلاقات في الوقت الراهن، العلاقات التي ستبقى بمشيئة الله عميقة قوية، وستزداد صلابة ومتانة بفضل حكمة قادتنا واستشعار مصيرنا الواحد على الدوام، فضلاً عن وحدة الدماء التي تجري في عروقنا، ودماء شهدائنا التي اختلطت على أرض اليمن الشقيق.. فكل ذلك صنع ويصنع محبة متبادلة ستهزم وشاية كل واش وفتنة كل حاسد. أدام الله هذه العلاقة المميزة تحت رايات العز لدولتينا، وفي ظل قادة كبار بحكمتهم وعظماء بخصالهم وكرماء بطباعهم. حفظ الله الخليج أجمع بشعوبه الأبية.