تجرأ «الحوثة» على الادعاء بتقديم النصيحة بعد أن ذاقوا الأمرين من قوات «التحالف العربي لإعادة الشرعية». فبأي منطق تقدم ميليشيا انقلابية نصيحة -على لسان قائدها- لدولة ذات سيادة، خاصة أن هذه الدولة يشيد بها القاصي والداني لجهة سياساتها الحكيمة ورؤيتها الإنسانية الرائدة في المنطقة والعالم.
ميليشيات «الحوثي» تائهة في أصقاع اليمن تحرق الأخضر واليابس، تحسب أنها بحجم التهديد والوعيد، وهي لا تدرك أن الإمارات لن تغادر اليمن حتى تنهي انتفاخة «الحوثي» وتعيد الشرعية لتمسك بلجامه وتعيد اليمن إلى رونقه وحكمته.
الدول والحكومات العريقة والعميقة لا تخشى الأفئدة المليئة بالهواء والأهواء والهراء، ولن تصغي لمن دمر بلده ويتّم أطفاله وأحرق أقواته.
فالتحالف قائم على رأس «الحوثي» ورغم أنفه للقيام بما هو واجب تجاه الشعب اليمني باستعادة أمنه واستقراره ولن يهدأ للتحالف المظفر بال إلا حين الوصول إلى هذا الهدف السامي.
يبدو أن «الحوثي» لم يدرك حقيقة البيان الإماراتي- السعودي المشترك وإذا قرأه لم يفقه مغزاه وكنهه. ويوضح معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، المغزى الفعلي لهذا التحالف الصلب، عبر تغريدة على «تويتر»، يقول فيها: التحالف السعودي الإماراتي ضرورة استراتيجية في ظل التحديات المحيطة واليمن مثال واضح، فمشاركة الإمارات في «عاصفة الحزم» وضمن «التحالف العربي» جاءت استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين، واستمرارنا في اليمن ضمن التحالف الذي تقوده السعودية الشقيقة مرتبط بهذه الدعوة، وارتباطنا بالرياض وجودي وأكثر شمولاً، وخاصة في الظروف الصعبة المحيطة، وعلى ضوء قناعتنا الراسخة بدور الرياض المحوري والقيادي.
نعود إلى المرجعية الدولية لكي نعلم بماذا تصفُ «الحوثة» في اليمن في هذه اللحظات من تاريخه فمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يقر بأن:
- ميليشيات «الحوثي» ارتكبت انتهاكات في اليمن ترقى إلى جرائم حرب، والحوثيون قصفوا مدناً باليمن واستخدموا «أسلوب حرب أشبه بالحصار» على نحو قد يمثل جرائم حرب، والحوثيون خطفوا واعتقلوا نساء على مدار العامين الماضيين في اليمن لابتزاز أقاربهن.
هذا ويشير بعض الكتاب إلى الحلفاء الفعليين للشعب اليمني وحكومته، ويذكر يوسف الديني بمقاله بـ«الشرق الأوسط» بأن أصدقاء اليمن الحقيقيين اليوم هم من أخرجوا البلاد من مأزق الانهيار بفعل الثورة، ورغم كل ما قيل عن المبادرة الخليجية، فإنها كانت ضمانة سياسية واقعية أفرزت هذا الوضع الذي يعد الأكثر نجاحاً على مستوى الثورات.
و يكفي هنا الإشارة إلى أميركا التي أكدت حق الإمارات في اتخاذ ما تراه مناسباً في اليمن وغيرها من البلدان حيث أكد مسؤول أميركي إن لدولة الإمارات الحق في تحديد خياراتها والدفاع عن مصالحها وفقاً لما تراه مناسباً سواء في اليمن أو في أي مكان آخر، وأضاف أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب دولة الإمارات كحليف استراتيجي ضدّ المجموعات المتطرفة، وفي الحفاظ على الأمن الإقليمي واستقرار المنطقة.
و على ضوء ذلك:
- مجلس الأمن يدين بأشد العبارات هجمات «الحوثيين» على منشآت مدنية في السعودية، ويطالب «الحوثيين» بوقف استهداف المنشآت المدنية السعودية بلا أي شروط مسبقة.
فالإمارات والسعودية هما خيط العروة الوثقى في هذا التحالف، وهو ما نجد صداه في كلمة «الرياض» بعنوان «قلب واحد»: المسافة الجغرافية بين الرياض وأبوظبي ليست بالمسافة الطويلة ولكن مسافة العلاقات بينهما غير موجودة بتاتاً.
فالمملكة والإمارات على قلب رجل واحد، وهما يسعيان دوماً إلى وضع نموذج حقيقي لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات البينية العربية التي هي في حدها الأدنى من التوافق والتناغم، وهنا تأتي العلاقات بين الرياض وأبوظبي لتكون شعلة متقدة تنير الطريق للأشقاء الآخرين أن يحذوا حذوها ويسيروا على نهجها.
*كاتب إماراتي