كان «سام جيماه» واحداً من الذين تم تطهيرهم، وكان قد تلقى تحذيراً من أنه إذا أيد مشروع قانون لمنع إتمام بريكست دون اتفاق، فإنه سيفقد عمله السياسي في حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون. لكن كما هو الحال مع 20 عضواً آخرين في حزب المحافظين، فقد وضع سام مصلحة البلاد قبل مصلحته، وقال «إن مشروع بوريس يخرج عن المسار».
وفي غضون ستة أسابيع فقط، فقد جونسون الكثيرين من أغلبيته، بما فيها أخوه «جو» وحفيد ونستون تشرشل، كما خسر النوايا الحسنة للعديد من المحافظين وأصواتهم في مجلس العموم. وبالنسبة لـ«الشعب» الذي يمثله، لم يكن معظمه مع جونسون الذي انتخبه 92.153 عضواً من حزبه، معظمهم في نهاية الجداول التصويتية.
إنها، كما يرى البعض، غطرسة أن يعتقد أنه يمكن أن يخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر، وهي الخطوة السياسية الأكثر حساسية منذ عقود، مما يثير الفوضى في سلاسل التوريد الصناعية والمطارات والموانئ والمستشفيات، وكذلك الانهيار المحتمل للمملكة المتحدة.
لكن الشعب صوّت لهذا في استفتاء 2016! لا، إنهم لم يفعلوا ذلك. لقد صوتوا لصالح الخروج السلس والمنظم الذي وعد به جونسون وحزبه. لكن لا يوجد دليل، ولا أي دليل، على أن أغلبية «الشعب» تريد إتمام بريكست بلا صفقة.
وقد قال لي «جيماه»، وزير الجامعات السابق «إن محاولة جونسون لتخريب البرلمان أخافت الجميع». واستطرد «معظم المحافظين كانوا على استعداد لمنحه الوقت، لكن هذا كان استفزازاً بالنسبة للكثيرين». وكان يشير إلى مناورة جونسون الساخرة لإضاعة الوقت بالنسبة لإتمام بريكست بلا اتفاق من خلال «تعليق» البرلمان لمدة خمسة أسابيع، في موعد لا يتجاوز الخميس المقبل. إن بريطانيا، كما أثبت «جيماه» وآخرون الآن، لا تزال ديمقراطية برلمانية. والبرلمان ليس مصدر إزعاج يمكن الاستغناء عنه ويتوقف على نزوة جونسون الموهوب.
والآن، يريد جونسون، الذي يشعر بالقلق، إجراء انتخابات في 15 أكتوبر، وهي خطوة ترفضها أحزاب المعارضة. وهو يعتقد أن بإمكانه الفوز فيها من خلال حملة «الشعب مقابل البرلمان» مع رسالة متشددة بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي ستحول مؤيدي حزب بريكست الذي يرأسه «نايجل فاراج» إلى حزب المحافظين. إنه رهان محفوف بالمخاطر. لقد فقد جونسون أعضاء حزب المحافظين الإسكتلنديين، وهو بحاجة إلى تلك المقاعد للحصول على أغلبية.
لقد أظهرت الكوارث التي تحدث يومياً طبيعة إدارة جونسون، وهو اضطراب لم يمض دون أن يلاحظه أحد في بريطانيا.
ومع ذلك، فإن جونسون محق في أمر واحد، ألا وهو أن بريطانيا بحاجة إلى انتخابات. فهي لا يمكنها، في هذه المرحلة، أن تقرر مستقبلها في العقود القادمة -وهذا ما سيحدده خروجها من الاتحاد الأوروبي- دون أن يتضح ميزان القوى السياسية. وستكون الانتخابات في الواقع شكلاً من أشكال الاستفتاء على تصويت 2016. وإذا أبلت الأحزاب «المتبقية»، وبالأخص الديمقراطيون الليبراليون، بلاءً حسناً، يمكن أن تكون الانتخابات بمثابة تمهيد لإجراء استفتاء ثانٍ فعلي، يعتمد هذه المرة على الواقع بدلاً من الخيال.
المشكلة هي أن جونسون قد فقد الثقة في الجميع باستثناء دائرته الداخلية. لذا، فإن حتى دفع جونسون من أجل إجراء انتخابات -في ظاهره وسيلة مقنعة للمعارضة للإطاحة به- يثير شكوكاً بأنها مجرد خدعة أخرى لإضاعة الوقت. لذا، فإن الضغط البرلماني لمنع الانتخابات قبل إصدار تشريع يجعل إتمام بريكست دون اتفاق غير قانوني ومحظور. وهذا بدوره سيدفع جونسون لتنفيذ ما تعهد بعدم القيام به: أي السعي إلى تأجيل خروج بريطانيا لما بعد 31 أكتوبر.
ومن ناحية أخرى، تريد المعارضة الإبقاء على الحكومة بالنسبة للوقت الحالي، لكنها تريد التأكد من أنها بلا سلطة. وتريد الحكومة حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات في محاولة لاستعادة السلطة. وبريكست هو قمة الألغاز. هذا لأنه ليست هناك وسيلة عملية لعمل شيء يتعارض بشكل واضح مع المصلحة الوطنية لبريطانيا.
وأفضل نتيجة لبريطانيا ستكون التوصل إلى اتفاق لتأجيل بريكست لعدة أشهر، مع إجراء انتخابات في شهر نوفمبر. وستحدد حرب الخنادق بين البرلمان وجونسون ما إذا كان ذلك سيحدث. وعندما يتشدد البريطانيون، فإنهم يميلون إلى عدم الرضوخ. إن هؤلاء الأعضاء الـ21 في حزب المحافظين أبطال. فأين الـ21 جمهورياً الذين يملكون العزيمة في واشنطن؟
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/09/06/opinion/boris-johnson-brexit-election.html