أكثر من ثلاثمئة ألف إماراتي مقبلون في الشهر القادم على التصويت لاختيار عشرين عضواً من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي من بين أكثر من أربعمئة مرشح ومرشحة، حيث إن العشرين عضواً الآخرين من ممثلي كل إمارة سيتم تعيينهم من جانب أصحاب السمو حكام الإمارات.
وإلى جانب البرنامج الانتخابي الذي قد يميز المرشح، فما الميزات الأخرى فيه، والتي قد ترشد الناخب وتعينه على التصويت له بالذات، خصوصاً مع نظام الصوت الواحد الذي لا يتيح للناخب سوى اختيار مرشح واحد من قائمة إمارته؟
في اعتقادي الشخصي أن أهم ميزتين في المرشح هما سعة ثقافته القانونية، ومدى اطلاعه على أحوال الناس. وهذا الاعتقاد قائم على اختصاصات المجلس الوطني الاتحادي، فللبرلمانات أدوار تتجلى في تمثيل الشعب، وتشريع القوانين، والتدقيق على الميزانية، ومراقبة العمل الحكومي، والمصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، واتخاذ المواقف في السياسة الخارجية.
ويمارس المجلس الوطني الاتحادي الاختصاصات المذكورة على سبيل المناقشة والمشورة وإصدار التوصيات وإبداء الملاحظات وتوجيه الأسئلة ودراسة الشكاوى، فضلاً الدور التمثيلي للمجلس من حيث تعبيره عن الإرادة الشعبية للمواطنين.
ويتفاوت دور البرلمان في أداء اختصاصاته من بلد إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، فالدور التمثيلي لأي برلمان قبل ظهور الإذاعات وشبكات الإنترنت ومواقع التواصل يختلف عن دوره بعد ظهور هذه الوسائط، فالمواطن في أي بلد يمكنه اليوم أن يوصل صوته بنفسه. صحيح أن برلمان بلاده يمثل صوته أمام حكومته، وصحيح أيضاً في المقابل أنه يستطيع بنفسه توصيل صوته.
والأمر نفسه ينطبق على الدور الرقابي الذي ينحصر دستورياً في البرلمان، لكن على أرض الواقع في وسع أي مواطن في أي بلد أن يؤدي هذا الدور من موقع للتواصل في هاتفه المتحرك. كما أن الدور الرقابي، وهو دور لا غنى عنه، لا يصنع الكثير من الفارق في ظلّ حكومة قوية ورشيدة تبادر من تلقاء نفسها بتدارك مواطن القصور وتصحيح الأخطاء.
وتكاد تكون الوظيفة التشريعية للبرلمان أهم وظيفة له في وقتنا الحالي، وهذه الوظيفة واضحة جداً في البرلمان الإماراتي، فبحسب اللائحة الداخلية للمجلس تختص اللجان الدائمة فيه بدراسة مشروعات القوانين والموضوعات العامة والاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بكل لجنة، سواء التي تتعلق بشؤون الدفاع والداخلية والخارجية، أو بالشؤون المالية والاقتصادية والصناعية، أو بالشؤون التقنية والطاقة والثروة المعدنية، أو بشؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام، أو بالشؤون الصحية والبيئة، أو بالشؤون الاجتماعية والعمل والسكان والموارد البشرية، أو بالشؤون الإسلامية والأوقاف والمرافق العامة.
والخلاصة في هذا أن الدور التشريعي هو أكثر الأدوار التي يمكن أن يبرز فيها عضو المجلس ويتفاعل معه، وهو دور من الصعب أن يؤديه العضو باقتدار من دون ثقافة قانونية كافية. لكن المعرفة القانونية وحدها لا تكفي، إذ من المهم أن يتحلى العضو بـ«اللياقة المجتمعية»، بحسب تعبير الكاتبة عائشة سلطان، بأن يكون ملماً ومطلعاً على أحوال الناس، غير منعزل عن تطلعاتهم واحتياجاتهم، متابعاً لما يجري في العالم من حوله.
*كاتب إماراتي