على الرغم من أنه سيحصل على القليل من الفضل، وقدر أقل من التعاطف، يجب القول إن جون بولتون يستحق شكر الأمة لأنه ساعد على إنقاذنا مما لا يقل عن ثلاث كوارث ترامبية. وبالنسبة لرجل شغل منصب مستشار الأمن القومي لمدة 17 شهرا فقط، هذا ليس عملا عاديا.
وما إذا كان يمثل إنجازا أم لا، فهذا سؤال آخر.
وأول كارثة تم تفاديها كانت التوصل إلى اتفاق مع «كيم جونج اون»، مطلع هذا العام في هانوي، يقضي بأن تقدم الولايات المتحدة تنازلات اقتصادية ودبلوماسية قوية مقابل وعود زائفة بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية. وكان من شأن موقف ترامب الرئاسي وانعزاليي الحزب «الجمهوري» أن يشجعوا الاتفاق، جنبا إلى جنب مع عدد قليل من الليبراليين. وكان هذا سيجعل ترامب يصقل صورته الذاتية كمرشح جدير بحصوله على جائزة نوبل للسلام.
تخيل لو كان حصل على هذه الجائزة. ومع ذلك، فمع كل ما وعدت به كوريا الشمالية حول نزع السلاح النووي، كانت الصفقة ستكون مخزية. لقد أوقفها بولتون من خلال الإصرار على نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية بالكامل مقدما، وهو شرط لم يستطع «كيم» قبوله لأن نظامه لا يستطيع البقاء من دون أسلحته. وتحدى بولتون كيم أن ينفذ وعده وتحدى ترامب أن يحقق أوهامه –ولو لبعض الوقت فقط.
أما الكارثة الثانية التي تم تجنبها فكانت هي الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا، والذي أعلن عنه ترامب فجأة في شهر ديسمبر بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان.
كان هذا الانسحاب بمثابة موقف أناني ضد المقاتلين الأكراد الذين من دونهم ما كنا نستطيع القضاء على تنظيم «داعش» وكان هذا سيكون بمثابة دعوة لجميع أسوأ اللاعبين في المنطقة –إيران ووكلائها، ونظام بشار الأسد، ونظام أردوغان، وفلول «داعش» -لملء هذا الفراغ.
وقد ساعد بولتون على إيقاف هذا، أيضا، أولا عن طريق المعارضة الصارخة للرئيس، وبعد ذلك من خلال إبطاء عملية سحب القوات، ثم من خلال المناورة لجعل بريطانيا وفرنسا ترسلان قوات خاصة بهما. والنتيجة هي أن القوات الأميركية ما زالت تمثل عثرة ضد الأسد وأردوغان والجنرال الإيراني «قاسم سليماني» بينما تساعد في حماية الأكراد.
وأخيرا، حارب بولتون بكل قوته ليمنع الاتفاق الكارثي الذي كان ترامب على وشك إبرامه مع حركة «طالبان» خلال قمة مفاجئة في كامب ديفيد تم التخطيط لها في نهاية الأسبوع الماضي.
وكما ذكرت في الشهر الماضي، فإن الاتفاقية – التي تم التفاوض بشأنها دون مشاركة الحكومة الأفغانية المنتخبة –كانت ستحدد جدولا زمنيا للانسحاب الأميركي يتزامن مع الجدول الزمني للانتخابات الأميركية. وبخلاف وعد غامض من جانب «طالبان» بعدم السماح لأفغانستان بأن تصبح مرة أخرى قاعدة للجهاد العالمي، لم يُطلب من الجماعة القيام بالكثير من أي شيء باستثناء عدم مهاجمة قواتنا وهي في طريقها للخروج.
ويحمل بولتون وجهات نظر أخرى أتفق معها عادة، بما في ذلك معارضته الشديدة للاتفاق النووي الإيراني وأفكاره بشأن رئيس روسيا فلاديمير بوتين. بولتون يتمتع بروح الدعابة، وهو عقلية واعية من الدرجة الأولى ويحمل نظرة مبدئية للعالم تستند على الإيمان بأميركا كأفضل أمل على الأرض.
ومع هذا كله، فإنني أعتقد أيضا أن بولتون أساء إلى رئيسه وبلاده ونفسه.
لقد أساء إلى الرئيس لأنه ذهب إلى العمل من أجل رجل كان يعلم أنه يعارض بشدة قناعاته الأساسية –سواء فيما يتعلق بالتزام الولايات المتحدة تجاه الناتو، أو عروضه لإيران أو علاقاته مع روسيا.
وأساء إلى بلاده من خلال محاولة إخفاء الحقيقة بشأن رئاسة ترامب. ربما منعت مناوراته البيروقراطية إخفاقات السياسة الخارجية في كوريا الشمالية وسوريا وأفغانستان وأماكن أخرى، على الأقل في الوقت الحالي. لكن الرؤساء عادة ما يحققون ما يريدون في السياسة الخارجية.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/09/11/opinion/john-bolton-fired.html