عند الحديث عن الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على أي من الصعد السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، لا يمكن لنا المرور مرور الكرام على ما قامت ولا تزال تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز وتقوية أنماط التعاون الاستراتيجي تلك، فلا بد لنا أن نبرز ذلك الدور الطليعي والرائد الذي لعبته ولا زالت تلعبه في ذلك، فمساهمتها الفعّالة في قيام المجلس أصلاً وبلورة فكرته باستضافتها للقمة الأولى ثم لعدد آخر من القمم، وسعيها الدؤوب إلى تعزيز كافة أوجه العمل الخليجي المشترك وعدم ترددها عن المشاركة في أي من اجتماعات المجلس التي تعقد على كافة الصعد والمستويات وقيامها بالموافقة والتصديق على جميع البيانات الختامية والقرارات والاتفاقيات التي تصدر عن مؤسسات المجلس تؤكد الأهمية الفائقة والثقة التي توليها لوجود المجلس وفاعليته لتحقيق الأهداف السامية التي أنشئ من أجلها.
وبهذا الصدد نلاحظ بأن العمل من خلال المجلس لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية باعتباره منظمة خليجية إقليمية لها شخصيتها الاعتبارية ومؤسساتها الفاعلة وسياساتها الرصينة التي تعطيها أهميتها تعد ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وينطلق من ذلك أن دولة الإمارات تؤمن إيماناً راسخاً بأهمية التعاون الاستراتيجيين بين دول المجلس في سبيل تحقيق أمن الخليج العربي واستقراره ورفاهية شعوبه انطلاقاً من أهميته بالنسبة لدول العالم كافة، ومن أن دول المجلس قطعت أشواطاً مهمة لإيجاد الصيغ والطرق المناسبة لتحقيق ذلك، وهي لا تزال تعمل جاهدة على تطوير ما تم التوصل إليه حتى الآن وهو كثير.
لذلك فإن دولة الإمارات تؤكد دائماً إيمانها المطلق بأهمية تكاتف الجهود لتحقيق أهدافها الاستراتيجية المشتركة المخطط لها، وينبع ذلك من وعيها الكامل بحقيقة أن استقرار هذه المنطقة الاستراتيجية والحساسة أمر ضروري جداً وأساسي من أجل تحقيق رفاهية شعوبها والتوصل إلى تحقيق الأمن والسلام الإقليمي والعالمي.
لذلك، فإن الملاحظ هو أن مواقف دولة الإمارات من هذه القضايا واضحة وراسخة، وهي ملتزمة بكل ما من شأنه تثبيت وتقوية هذه المبادئ، انطلاقاً من إيمانها بأن جميع أشكال التعاون والتنسيق والتكامل بين دول المجلس لا بد وأن تعود بالخير العميم والفوائد الجمة على المنطقة وشعوبها.
وعليه، فإن دولة الإمارات لم تدخر جهداً أو مالاً أو تضحية، حتى بدم فلذات أكبادها من خلال مشاركاتها السخية والكاملة في حرب تحرير الكويت الشقيقة عندما تعرضت للغزو والاعتداء أولاً، ثم بعد ذلك في التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية للدفاع عنه ضد الخطر الإيراني الجاثم على صدر اليمن ممثلاً في «الحوثي» وجماعته ومن يسنده ويقف وراء جرائمه الآثمة في حق الشعب اليمني المغدور به وضد السعودية وشعوب الخليج العربي الأخرى، في إطار دعمها اللا محدود لكافة أشكال التعاون التي من شأنها تقوية وترسيخ روابط الأخوة الصادقة بين دول المجلس وشعوبها.
ودعوني أؤكد بأن دولة الإمارات على يقين بأن الأهمية الراسخة لوجود المجلس تتجسد في كونه ثمرة يانعة وتتويجاً لمسيرة مباركة طويلة من الجهود السخية المتصلة والمخلصة التي تمت على مدى السنين الماضية منذ تأسيسه لبلورة أوجه التنسيق والتعاون والتكامل في ما بين الدول الخمس الأخرى المكونة له، لذلك ما أعتقده أن المجلس سيستمر في التواجد بين ظهرانينا في المستقبل، وإنْ كان يحتاج إلى مراجعة شاملة وإصلاح لتحل ما يشوبه من نقص في بعض المجالات.
*كاتب إماراتي