عقدت لجنتا الحقوق المدنية والحريات المدنية التابعتان للجنة القضائية في مجلس النواب جلسة استماع يوم الاثنين الماضي بشأن قرار الإدارة، الذي تم التراجع عنه، الذي يقضي برفض طلبات المهاجرين المرضى بشدة لتلقي علاج طبي ينقذ حياتهم في الولايات المتحدة. والقرار كان غير إنساني للغاية ورد الفعل كان شديدا لدرجة دفعت الإدارة إلى إلغائه من تلقاء نفسها. والجلسة التي رأسها «جيمي راسكين» النائب «الديمقراطي» حاولت معرفة معلومات أساسية عن القرار الأصلي. والشخصان الذين أرسلتهما وزارة الأمن الداخلي للإدلاء بشهادتهما وهما تيموثي روبن، القائم بأعمال المدير التنفيذي المساعد لتطبيق العمليات وإلغائها و«دانيال ريناد»، المدير التنفيذي لإدارة العمليات الميدانية لم يقولا شيئا. لقد جاءا ليقولا لا شيء على الإطلاق حقا. واحتجا بأن القضية قيد النظر في القضاء كي لا يجيبا عن الأسئلة التالية وهي: من تقدم بالسياسة؟ ما مسوغ السياسة؟ هل جاءت من البيت الأبيض؟ ما القسم الذي أصدر الأمر التنفيذي في وزارة الأمن الداخلي؟ هل هناك نص مكتوب للسياسة الرسمية في مكان ما؟ هل سيجيبون في حينه على الأسئلة المكتوبة؟ هل فكر شخص ما في حساب الخسارة المحتملة في الأرواح؟
ومن الواضح أن «الجمهوريين» و«الديمقراطيين»على السواء ساخطون. وهذا النوع من«المماطلة»، كما وصفتها «ايانا بريسليز» النائبة «الديمقراطية» بأنه ليس بغريب في هذه الإدارة. فقد أصبحت القاعدة- وليس الاستثناء- الآن هو عدم الامتثال والافتقار إلى الاستعداد والتهور واللامبالاة التامة بتأثير الأعمال على أشخاص حقيقيين. ورد الموظفان ببرود أعصاب على أنه لم يكن لديهما فكرة عما جعلهم يفعلون ما فعلوه. لقد كانت إجابة مروعة وتقشعر لها الأبدان. فلم يفكر الشخص الذي اتخذ القرار- سواء كان كين جوتشينلي أو ستيفن ميلر- في العواقب والأشخاص الذين نفذوه لم يطعنوا في القرار أو يعارضوه أو يشككوا فيه. إن هذه بيروقراطية بلا رحمة لا تستطيع أن تنظر إلى المهاجرين باعتبارهم بشرا ولا تفكر حتى في احتمال ما يتعرضون له من عذاب بسبب إخطار رفض الإرجاء وما قد يكابدونه من خوف على حياتهم.
وخاطب «راسكين» المسؤولين قائلا إن أي طالب يعرف كيف يطرح الأسئلة الخمس وهي: ما؟ وأين؟ ومتى؟ ولماذا؟ ومن؟. لكن الإدارة عجزت عن الإجابة عن أي من هذه الأسئلة. وبعد جلسة الاستماع صرح «راسكين» قائلا «لقد هالني ما رأيت من أداء المسؤولين الحكوميين هؤلاء الذين لم يتمكنوا من أن يخبروا الكونجرس بشيء عن هوية صانع هذه السياسة والسبب في تبنيها وعن مصدرها وموعد تنفيذها».
وهناك عدة نقاط تستحق التركيز عليها. أولاً: حين تتولى إدارة «ديمقراطية» مقاليد الأمور، يجب أن تحقق مع الموظفين الذين شاركوا في الأنشطة غير القانونية أو غير الإنسانية أو كلاهما معا، وتتخذ حيالهم الإجراءات الملائمة. ويجب عدم تعيينهم في مناصب تتمتع بنفوذ بحال من الأحوال.
ثانيا: أخلاقيات هذه الإدارة، كما تجلى في الفشل الذريع لـ«الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي»، تحولت من الالتزام باليمين الدستورية والسهر على مصالح الشعب إلى عدم طرح أسئلة وحماية الرئيس. وهذه هي الطريقة التي تعمل بها أنظمة الحكم في العالم الثالث. فلا أحد مسؤول عن أي شيء، واتباع السرية يعصف بمحاولات مساءلة الذين يصنعون وينفذون السياسات.
وأخيرا، يتعين على الإدارة التالية أن تلغي بعض السياسات التي طبقت على امتداد أفرع الحكومة الاتحادية والتخلص من الذين فشلوا في العمل باحترافية ومسؤولية وإعادة غرس ثقافة يتعين فيها على كل موظف حكومي أن يسأل عن مشروعية كل أمر تنفيذي وعن مدى تحقيقه المراد منه ومدى إنسانيته. ومادام أن لدينا رئيسا لا يبالي بأي من هذه الاعتبارات، فعروض الرعب المشابهة لتلك ستستمر.

*كاتبة أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»