توجه الإسرائيليون أول أمس إلى صناديق الاقتراع في ثاني انتخابات قومية في غضون ستة شهور. وتأتي الانتخابات بعد فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تشكيل ائتلاف مستقر في أعقاب تصويت أجري في أبريل. والآن يعود نتنياهو- وهو أكثر رؤساء وزارات إسرائيل بقاء في السلطة- إلى حيله القديمة التي اختبرها وهي إثارة الخوف العنصري والإشادة بقدراته الفريدة على الدفاع عن البلاد مغريا قاعدته من الجناح اليميني بتعهدات بضم قطاعات من الضفة الغربية.
وفي اللحظات الأخيرة من الحملة الانتخابية، نشر نتنياهو مقطعاً مصوراً حث فيه الإسرائيليين على التوجه لصناديق الاقتراع بدلاً من الكسل. وكتب ستيف هندريكس الرئيس الجديد لمكتب «واشنطن بوست» في القدس أن رسالة نتنياهو الأخيرة مفادها كما لو أنه يقول «إنني سأخسر». ويأس نتنياهو حقيقي. فهو يعلم أنه بحاجة إلى البقاء في السلطة كي يدفع البرلمان نحو إقرار تشريع يحميه من سلسلة من التحقيقات الجارية بشأن الفساد. وحزب «ليكود» الذي ينتمي إليه نتنياهو يسير كتفاً بكتف في استطلاعات الرأي مع حزب «أزرق أبيض» الوسطي.
ويستطيع رئيس الوزراء الاعتماد على عدد من الأحزاب الأكثر يمينية لدعمه في تحالف يبقيه في السلطة. صحيح أنه من الخطأ دوما أن نراهن ضد قدرة نتنياهو على البقاء، لكن هناك سبب واضح واحد قد يحبط نتنياهو هذه المرة، ويتمثل في حزب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيجدور ليبرمان الوزير السابق في حكومة نتنياهو وهو قومي علماني متشدد من الجناح اليميني. فربما يفوز حزب ليبرمان بما يكفي من المقاعد تمكنه من تشكيل حكومة. فقد رفض ليبرمان في وقت مبكر العام الجاري الجلوس إلى الأحزاب الدينية وشديدة التطرف في ائتلاف نتنياهو، مما أدى إلى هذه الانتخابات. ويستطيع ليبرمان أن يلقي بثقله مع تحالف محتمل من أحزاب التيار العلماني الرئيسي ومن ثم يجبر نتنياهو على الخروج من الساحة.
وظهرت التوترات داخل المجتمع اليهودي الإسرائيلي على السطح، ونتنياهو يستغل الخوف من احتمال استيلاء العرب واليساريين على الدولة. أما ليبرمان فقد نشر مقطعاً مصوراً يحث أنصاره على مواجهة أصوات الأحزاب الدينية التي جرى تعبئتها. بينما نجد «بيني جانتس»، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، وهو المنافس الرئيسي لنتنياهو يقول «هذا الانقسام يتزايد عمقا والفجوة تتسع والتضامن الرئيسي بيننا يتفكك. أصبحنا يمين ضد يسار، ويهود ضد عرب والنسيج الاجتماعي يتمزق». ودعا «جانتس» الإسرائيليين إلى الالتفاف حول حكومة وحدة أفقها أوسع.
وتجدر الإشارة إلى أن الإسرائيليين تمكنوا على مدار سنوات من إحكام نظام للسيطرة على الفلسطينيين دون رد فعل دولي كبير على انتهاكات حقوق الإنسان لكن عملية الضم قد تغير هذا. وصرح «يهودا شاؤول»، وهو من المشاركين في تأسيس جماعة «كسر الصمت» الإسرائيلية التي تجمع شهادات من جنود إسرائيليين سابقين وحاليين لإلقاء الضوء على احتلال الأراضي الفلسطينية أن «هذه الأعراف التي يقف عليها الفلسطينيون- فلا هم بمواطنين لدولة إسرائيل ولا هم يحكمون أنفسهم- من المفترض أن تكون مؤقتة نظرياً، لكن الآن، خرج نتنياهو في الأساس في كلمته ليقول إنها ليست مؤقتة».
ويرى «جاكسون ديل» من صحيفة واشنطن بوست أنه «إذا نجح بنيامين نتنياهو في فترة ولايته المطولة كرئيس لوزراء إسرائيل بعد انتخابات يوم الثلاثاء، فمن المرجح ألا يكون هناك مفر من افتراض أنه مقدر على الإسرائيليين والفلسطينيين العيش في دولة واحدة للأبد. وهذا قد يعني اختيارا بين بلد علماني وديمقراطي لكنه ثنائي القومية، أو نظام آبارتايد يهودي».
وفي الضفة الغربية ينتشر شعور بالهزيمة. فقد نقل تقرير لواشنطن بوست عن أحد سكان غور الأردن قوله إنه لا يوجد سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو ليس جاداً بشأن خططه والفلسطينيون يفتقرون للوسائل لمواجهة أي محاولة في المستقبل لتنفيذ خططه.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست بلومبيرج نيوز سيرفس»