مع تبلور نتائج التصويت بعد فرز تسعين في المائة من الأصوات بعد ظهر يوم 18 سبتمبر تبين أن نتنياهو قد تلقى هزيمة فقد تقدم عليه تحالف أزرق أبيض بمقعد (اثنان وثلاثون لكاحول مقابل واحد وثلاثين لليكود)، كما أتضح أن معسكر الوسط واليسار ومعه العرب قد تقدم أيضاً بمقعد على معسكر اليمين (ستة وخمسون مقعداً مقابل خمسة وخمسين لليمين). رغم هذه النتيجة ظل كل من المعسكرين من دون الرصيد اللازم لتشكيل الحكومة وهو واحد وستين مقعدا. هنا اتجهت الأنظار إلى حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة ليبرمان غريم نتنياهو والحريديم حيث حصل على تسعة مقاعد ليصبح في نظر المراقبين مفتاح الحكم القادر على منح أي من المعسكرين الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة.
بعد التصويت اتصل «جانتس» بعامير بيرتس زعيم حزب «العمل» والمتحالف مع جيشر (ستة مقاعد) ومع تحالف المعسكر الديمقراطي بقيادة هوروفيتس (خمسة مقاعد) واتفق معهما على تشكيل حكومة جديدة. بهذا يصبح رصيد جانتس (ثلاثة وأربعين مقعداً) معتمداً على أن القائمة العربية المشتركة بقيادة أيمن عودة (ثلاثة عشر مقعداً) ستسانده ليكون رصيده (ستة وخمسين مقعداً).
يعتمد «جانتس» فوق ذلك على مقاعد ليبرمان التسعة ليكون لديه رصيد خمسة وستين مقعداً تكفى لتشكيل الحكومة. المشكلة هنا أن ليبرمان لا يريد العرب في الحكومة، وينادى بحكومة وحدة يشارك فيها مع كل من«ليكود» و«أزرق أبيض» من دون عرب أو أحزاب حريدية. هنا يتطلع «جانتس» إلى بديل للعرب بتفكيك «ليكود» واجتذاب بعض قياداته المستاءة من نتنياهو مثل «جدعون ساعر» أو إلى إقناع ليبرمان بقبول وجود «الحريديم» في الحكومة.
هكذا وجد نتنياهو نفسه في موقف قد يطيح به وهنا تفتق دهاؤه عن فكرة تكوين كتلة متحدة من أحزاب اليمين و«الحريديم» وأعلن أن هذه الكتلة تعتبر نفسها كلاً واحداً تحت قيادته وأبدى باستعداد الكتلة لتكوين حكومة وحدة مع «أزرق أبيض» تحت رئاسته.
هنا تقمص نتنياهو دور المنتصر الذي يملى شروطه على «جانتس» فقد أقفل باب «ليكود» والأحزاب «الحريدية» في وجهه ووضع «أزرق أبيض» في ورطة، فإما أن يقبل عرض رئاسة نتنياهو للحكومة أو يتفاوض على إقامة حكومة وحدة مع كتلة اليمين الموحدة مع تقاسم وتناوب فترة رئاسة الحكومة بينه وبين نتنياهو وإما أن يرفض العرض ولا يبقى أمامه سوى احتمال مستحيل وهو تكوين حكومة من تحالف العمل -جيشر وتحالف المعسكر الديمقراطي وقائمة العرب المشتركة مع ليبرمان. ما يجعل هذا الاحتمال مستحيلاً أن ليبرمان يكره العرب ويرفض وجودهم في الحكومة.
إن دهاء نتنياهو لم يحاصر «جانتس» وحده بل حاصر وقزّم ليبرمان أيضا والذي كان يريد تشكيل حكومة وحدة مع «ليكود» و«أزرق أبيض» من دون الأحزاب «الحريدية». أمام هذا المشهد سننتظر لنرى هل سيتعرض نتنياهو لخيانة من معسكره تفكك الكتلة؟ وماذا يملك «جانتس» الفائز من أوراق مخفية ليشكل حكومته ويبطل دهاء نتنياهو؟ ولنرى هل سيقرر ليبرمان دخول حكومة نتنياهو صاغراً مع الحريديم لتتشكل حكومة يمين بأغلبية أربعة وستين مقعداً من دون «جانتس» ليجد نفسه في المعارضة رغم فوزه.