حادثة قصف مدينة بقيق الصناعية النفطية في شرق المملكة العربية السعودية بطائرات مسيرة بدون طيار، ليست الحادثة الأولى التي يتم فيها استهداف مصالح مدنية سعودية بأيدي وأدوات إيرانية، لكن هذه المرة، ربما كان الاستهداف هو الأكثر تخريباً، سواء في حجمه أو في توقيته أو في عدد الطائرات المسيرة التي استُخدمت لتنفيذه.. وذلك لأن المنفِّذ هو إيران نفسها أو أحد أذرعها المقربة جداً.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أين مَن يقولون إنهم يستطيعون اكتشاف الإبرة الصغيرة تحت كومة طن من القش في الصحراء، من مسافة بعيده جداً وبدقة عالية أيضاً؟ أين مَن يقولون إنهم يعرفون رقم فانيلة المواطن العربي وهو يرتديها تحت ملابسه على مسافة مئات الأميال وآلاف الكيلومترات، وإنهم يستطيعون تحديد مكانه ورصد تحركاته والقيام بالقضاء عليه خلال ثوان معدودات إن هم أرادوا ذلك أو رغبوا فيه؟
إذا كانت هذه الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجوم التخريبي على معامل «أرامكو» قد أتت عبر مسافات طويلة، فإن هذا في حد ذاته يشكل تحدياً أمام  حمايات هذه الدول التي عبرت من أجوائها صوب هذه المناطق الحساسة والحيوية المحاطة بالحراسات وكاميرات الرصد والأجهزة الدقيقة.
صحيح أن الطائرات المسيرة ربما تنطلق من مسافات قريبة أو بعيدة، لكنها تحلق على ارتفاع منخفض وتحت مسافة مستوى رؤية الرادار، إذ عادة ما تسير كالطيور، فهذه الطائرات استهدفت  المرافق النفطية المهمة جداً بالنسبة للعالم وللاقتصاد العالمي. ووزارة الدفاع السعودية شرحت ووضحت مؤخراً ما حدث. والسؤال هو: من أين انطلقت هذه الطائرات المسيرة والعابرة للحدود؟!
وإذا كان الأمر يتعلق بطائرات مسيرة وبدون طيار، أليس بإمكان الأصدقاء الذين يمتلكون «عيون زرقاء اليمامة» ويرون من الخلف، أن يحددوا موقع انطلاق هذه الطائرات المعادية والمخرِّبة، ومن أي اتجاه بدأ مسيرها الطويل، حتى يعرف الجميع في الخليج من هو العدو الحقيقي، ومن هو العدو المتخفي، ومن هو الخصم المتلون؟
وقبل المؤتمر الصحفي لوزارة الدفاع السعودية، كنا نحن كإعلاميين لم نتوصل  بمعلومات وتفاصيل كافية تسمح لنا ببلورة رؤية تحليلية واضحة حول الحادث التخريبي وحيثياته، وما إن كان بالإمكان تحديد مصدره المباشر؟ ومن أين انطلقت الطائرات المسيرة؟ ومَن كان وراء إطلاقها مستهدِفاً مرافق حيوية للاقتصاد العالمي مثل معامل شركة «أرامكو»؟ ولماذا لم يذهب ذلك الطرف المطلق للطائرات المسيَّرة إلى إسرائيل بدلا من استهداف السعودية، خاصة أنه يرفع دائماً شعاره الأثير «الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل..»!

* كاتب سعودي