الاعتداءات الأخيرة على المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية في مناطق «إبقيق» و«خريص» تؤكد طروحاتي وقراءاتي للخطر الداهم القادم إلينا في دول الخليج العربي عبر البحر وتحديداً من قبل إيران. وقد تطرقت لذلك في مقالات سابقة ونبهت إليه بشكل، وها هو يصبح حقيقة واقعة هذه الأيام.
على أية حال الاعتداءات الآثمة التي وقعت هي رسالة واضحة من قبل الجهة التي نفذتها إلى دول الخليج العربي التي تتصدى لإيران ونواياها وطموحاتها في المنطقة، وتحديداً المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين بأنها مستهدفة.
وبهذا الصدد، فإن القدرات العسكرية الإيرانية، رغم تخلفها وعدم فعالية وجدوى العديد من قطاعاتها، أصبحت هي الأضخم في الخليج العربي من حيث العدة والعتاد والكم البشري. ومعلوم جداً بأن إيران جار غير هادئ أو «مريح».
لذلك فإن الأمن الوطني الشامل لدولنا الثلاث بات يتطلب بناءً عسكرياً شاملاً، قوياً وقادراً ومؤثراً يستطيع التصدي لأية اعتداءات خارجية بكل ثقة واقتدار.
يدعي «الحوثيون» في اليمن بأنهم هم الذين نفذوا الاعتداءات على «أبقيق» و«خريص»، وهذه كذبة كبرى في الأحوال العادية، لأن ما لديهم من طائرات «درون» مسيرة إيرانية الصنع لا يمكن لها أن تنفذ عمليات من هذا القبيل انطلاقاً من اليمن ذاته.
المهم في الأمر أن الاعتداءات على المملكة هي عمليات إرهابية تخريبية بغيضة يرفضها المجتمع البشري المتحضر جملة وتفصيلاً، وهي تكملة لما بدأت به إيران منذ شهر يونيو 2019 من هجمات استهدفت خطوط ومضايق الملاحة البحرية العالمية، والعديد من المرافق البترولية ومحطات الوقود والمرافق المدنية ومحطات الضخ وناقلات النفط العملاقة والصغيرة التابعة للعديد من الأطراف الدولية والأعمال الخاصة بهدف إرهاب وترويع المجتمعات الآمنة حول العالم والمجتمع الدولي بشكل خاص من وجود أزمة نفط عالمية قادمة، فمثل هذه الهجمات لا تستهدف المملكة أو دول الخليج العربي وحدها، إنما هي إرهاب واضح وتهديد مباشر لكافة أعضاء المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي وعناصر الخير العام لجميع دول العالم.
ونحن لا ننفي أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بواجباته لردع التغول والغرور والجموح الإيراني، وللمحافظة على إمدادات النفط والغاز الخارجة من الخليج والبضائع الداخلة إلى الخليج ضد كافة أنواع الإرهاب والغرور والتغول، لكننا في الوقت نفسه نؤكد بشدة على ضرورة تطوير الدفاع الذاتي والقدرات العسكرية الشاملة، لأن ذلك يرتبط بالمناظير الاستراتيجية - الأمنية لدولنا وتنطلق مصداقيتها من الحاجة إلى إعداد وتطوير برامج إعداد وتنمية لوسائل دفاعاتها من حيث الهم الأكبر، وهو حماية وتأمين الحدود مع إيران ودول الجوار الأخرى وأمام كل ما يمكن أن يشكل خطراً على سلامة الأوطان والبشر الذين يعيشون فيها.
لقد أكدت دولة الإمارات قيادة وشعباً تضامنها التام مع المملكة والرغبة الأكيدة في الزود عن حياضها وسلامة مواطنيها ومصالحهم الحيوية، فالإمارات لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي اعتداء على المملكة، وما يصيبها من سوء هو وبال علينا جميعاً، فالإمارات والمملكة تقفان صفاً واحداً أمام كل خطر يأتيهما من أية جهة كانت.
*كاتب إماراتي