التقارير التي كانت تتحدث عن موت الديمقراطية الإسرائيلية تنطوي على قدر من المبالغة. هذه هي الخلاصة الرئيسية التي يمكن استخلاصها من الانتخابات الإسرائيلية التي جرت الثلاثاء الماضي، والتي أظهرت نتائجها فوز حزب «أزرق -أبيض»، بزعامة الجنرال السابق بيني جانتس، بأغلبية 33 من أصل 120 مقعداً في الكنيست، متقدماً بذلك على حزب «الليكود» بقيادة نتنياهو، الذي حصل على 31 مقعداً فقط.
ولأن 61 مقعداً هو العدد السحري اللازم لتشكيل حكومة في إسرائيل، سيتعين على جانتس ونتنياهو أن يحاولا تشكيل ائتلاف ناجح، إن لم يكن مع الأحزاب الأصغر فمع بعضهما بعضاً. وقد أوضح جانتس أنه منفتح على حكومة وحدة مع «الليكود»، شريطة أن ألا يكون نتنياهو جزءاً منها. وبالمقابل، يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه منفتح على حكومة وحدة، لكنه يواجه إمكانية توجيه اتهامات بالفساد إليه، ولذلك السبب فهو يتوق للبقاء في منصبه حتى يتمتع بالحصانة القانونية.
وهو تباين يتولد عنه طريق مسدود يفضي إلى احتمال الدعوة لانتخابات ثالثة مبكرة، خاصةً في حال رفض أفيغدور ليبرمان، الذي يميل نحو نتنياهو بخصوص المسائل الأمنية ويبتعد عنه بخصوص المسائل الدينية، إدخالَ حزبه ذي المقاعد الثمانية إلى الحكومة. وحتى الآن، يناور ليبرمان محاولا التظاهر بأنه غير مهتم أو «صعب المنال».
وعلى الورق، خسر نتنياهو أربعة مقاعد منذ انتخابات أبريل الماضي. لكن العدد الحقيقي قريب من الثمانية، نظراً لأنه في غضون ذلك اندمج حزب «الليكود» مع حزب صغير. وهكذا، تم تذكير نتنياهو (ملِك إسرائيل) الذي كان متوقعاً أن يحكم إلى ما لا نهاية، بحجمه الحقيقي.
ولا شك أن هذا خبر سار بالنسبة لأي شخص يشعر بالقلق إزاء تحول مواقف نتنياهو السياسية في السنوات الأخيرة من براغماتي محافظ إلى شخص يائس سياسياً. فخلال الأشهر الأخيرة، غازل نتنياهو أصوات اليمين المتطرف عبر إبداء استعداده للمشاركة في ائتلاف مع حزب عنصري ذي ماض إرهابي، كما سعى لاستمالة أصوات المستوطنين عبر الوعد بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأغضب المشرعين «الديمقراطيين» في واشنطن عبر استجابته لطلب دونالد ترامب منع نائبتين أميركيتين من زيارة إسرائيل. ولعل الأكثر إثارة للامتعاض أنه حاول حشد الأصوات عبر إصدار أوامر بتنفيذ عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة عشية الانتخابات، عملية وضع لها قادته العسكريون ومدعيه العام نهايةً سريعةً.
غير أن لا شيء من ذلك نجح؛ ذلك أن الناخبين الإسرائيليين نفروا من التملق المخزي، والتذلل المشين، والتهور الخادم للذات. وفي عصر الديمغاجيين، أظهر الإسرائيليون أن الديماغوجيا غير ناجحة.
ثم هناك نجاح «أزرق -أبيض»، الذي يُثبت أن ثمة مستقبلا للوسطية الديمقراطية على كل حال. فجانتس سياسي جديد يتمتع بكاريزما مشفوعة بهدوء داخلي. إنه يُظهر ثقة بدون تعصب. اليمين المتطرف يكرهه لأنه يدرك الضرورة طويلة المدى للانفصال عن الفلسطينيين، وأقصى اليسار يكرهه لأنه ليست لديه أوهام بشأن «أعداء إسرائيل»، وهو يدرك ضرورة امتلاك القوة واستخدامها، عندما تقتضي الضرورة ذلك، ويسعى وراء توازنات مستقرة، وليس إلى حلول دائمة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/09/20/opinion/netanyahu-israel-elections.html