ترقبنا بكل حب، مساء الجمعة الماضية، قاهرة المعز بعد الدعوات المغرضة للنيل من استقرارها وأمنها، ترقبنا أخبار الوكالات والفضائيات، فقط ليزداد قلبنا المطمئن على بلدنا الثاني مصر اطمئناناً ليس إلا، لكنها الكرة تعود من جديد، وكأن الزمن لم يغير شيئاً في عقول هؤلاء المغرضين، المزورين لإرادة الأوطان، والساعين للنيل مجدداً من أمنها وسلامتها، وكأنهم يتغذون على الهلاك والدمار، وكأنهم صدمتهم الحالة المصرية بكل تفاصيلها الفدائية التي صنعت المستحيل في أوقات قياسية بكافة المقاييس، بشكل أبهر القاصي والداني، وجعلنا كعرب نتفاخر بحجم ما تحقق من إنجازات فعليه على أرض الواقع.
وكنت قد عدت منذ أيام قليلة من القاهرة، حيث كنت أشارك في مؤتمر دولي ينظمه «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية»، والذي جاء عقب مؤتمر الشباب الأهم الذي كشف فيه الرئيس السيسي الكثير من الحقائق في الرد على الشائعات.
وكعادتي أذوب حباً في عشق مصر التي أتردد عليها منذ قرابة أربعة عقود، وجلست في أكثر من جلسة على شاطئ نيلها العذب أستمع بشغف لرموز مصرية من علماء، باحثين وكتاب وفنانين وأدباء وصحفيين، عن حجم المتغيرات والمستجدات على الداخل المصري، وكيف تغيرت خارطتها الجغرافية والاستثمارية من خلال كم لا نهائي من المشروعات القومية على كل شبر من أرضها الطاهرة، وكم هو التفاؤل يملؤهم، لدرجة أن أحدهم قال لي: نحن دفعنا بحب ضريبة الإصلاح الاقتصادي الصعب الذي تأخر لعدة عقود، كي نغير واقعنا ونصنع مستقبلاً أفضل لأبنائنا.
أذكر ذلك وأتأمله حين شاهدت ما أذاعته فضائيات صناعة الخريف العربي من جديد، نعم يرونه «ربيعاً»، ونراه «خريفاً»، ما تحقق لأوطاننا شيء نلمسه أكثر من خراب الأوطان وآلاف الثكالى والمشردين، وهدم جيوش عربية، وأنظمة سياسية، وتسبب في تأخيرنا لعدة عقود قادمة.
لقد خاضت تلك الفضائيات المغرضة حرباً ضروساً ضد أرض الكنانة، أشعرتنا أن بلدنا الثاني مصر في خطر، لكني حين تحريت من أصدقائي المصريين وتابعت، وجدت ما حدث هو فبركة مفضوحة، لتغطية مصطنعة، لتظاهرات زائفة، فحولوا خروج جماهير النادي الأهلي المصري، بالفوز بالسوبر المصري، وهزيمة غريمه التاريخي نادي الزمالك، إلى ثوار، ونشر بشكل مكثف «كليبات» لخروج الجماهير ترفع علم مصر ومن دون بث للصوت، بل إن قناة «إخوانية» أخرى بثت أحد تلك الفيديوهات في أربع نوافذ على شاشتها، ليصوروا لنا أن هناك تظاهرات في مناطق مختلفة، لكن فضحتهم الصورة بأنها كليب واحد مكرر في أربع نوافذ، ومدته لا تزيد على دقيقة، وتكرر مما فضح مخططهم، بل وزادوا على ذلك ما نشرته أذرع الجماعة الإرهابية الإعلامية وشبكة رصد من فيديوهات ادعت أنها بميدان التحرير، وكررت هذه المقاطع مئات المرات عبر الشاشات، لكن بعض النشطاء فضحوا ممارساتهم المضللة بنشر الفيديوهات الأصلية، ونشر الأحداث الأصلية التي ظهرت فيها.
أحد مقاطع الفيديو التي انتشرت كان مقطعاً على «فيسبوك»، شاهده أكثر من 600 ألف شخص على أنها «مظاهرة في ميدان التحرير»، بثها شخص يمني، عبارة عن تجمع لعدد من الشباب في ألبانيا، وفقاً للناشط حسن حامد، الذي علق، بالعامية. قائلاً: «يعني دي مظاهرة لايف أهو، جميل جداً؟ دي مثلاً في ألبانيا والناس ماشية وراهم بشماسي مش موجودة في مصر أصلاً، وصاحب التصوير يمني، كله تزوير».
كما نشر «حامد» شهادات تظهر تزييف وكذب قنوات وحسابات «الإخوان»، منها شهادة، باللهجة العامية المصرية، محمد رجب الذي قال: «قناة الجزيرة جايبة فيديو من وسط البلد ظاهر فيه محل يمتلكه واحد صاحبي كان بيبيع ملابس، وغير نشاطه من 8 سنين لأكل وعزمني في الافتتاح.. جايبين الناس بيقولوا ارحل يا سيسي والمحل ظاهر في الفيديو بيبيع ملابس»، ما يثبت تزويرهم لمقاطع الفيديو وتركيب صوت على مقاطع قديمة.
وخلاصة القول في كل ذلك أن هناك محاولات لترويج الأكاذيب بتظاهر عدد من المواطنين بميدان التحرير، مساء الجمعة، وما نشرته حسابات تابعة للجان الإلكترونية لجماعة «الإخوان» الإرهابية، المدعومة من تركيا، مقاطع فيديو وصور ادعت أنها لمظاهرات في مصر على غير الحقيقة.
وتبقى مصر في قلب المواجهة القائمة ضد الدول الراعية للإرهاب، والتي تأوي الإرهابيين ومن وراءها قائمة طويلة من التنظيمات.
وستبقى مصر قادرة، رغم تربصات الأعادي بها، لأننا جميعاً كعرب ننظر دوماً لمصر على أنها «عمود الخيمة»، والتي لن تسقط أبداً، ولذلك لا يستغرب أشقاؤنا المصريون أبداً ذلك الحب القائم، والشغف المستمر لدينا بالاطمئنان عليهم، فهكذا كنت أنا، وهكذا تابعتُ كل أصدقائي الذين يعرفون لمصر قدرها ومكانتها.. حفظ الله مصر وأمن أوطاننا من مكر الماكرين وكيد الكائدين.
*أمين علم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة