ما حدث مؤخراً في مصر من «فبركة» لفيديوهات التظاهر واستخدام لجان إلكترونية لنشر الافتراءات والأكاذيب التي أطلقتها جماعة «الإخوان» الإرهابية وقناة «الجزيرة» لاستكمال مخططات الفوضى التي بدأت منذ يناير 2011 بالتحريض ضد الدولة والقوات المسلحة، يثبت أن حروب الجيل الرابع ما زالت مستمرة. فهذه الحروب تلعب على عقول وقلوب الشعوب من خلال استخدام مصطلحات مثل المساواة، حقوق الإنسان، الديمقراطية، حرية التعبير التي كلها كلمات «حق يراد بها باطل». فالهدف الظاهري هو تحقيق مطالب الشعب مستغلة امتعاضه من بعض الإشكاليات الاقتصادية كغلاء المعيشة، لكن الهدف الأساسي هو تفتيت الدول وجيوشها وخدمة مصالح جماعات الإسلام السياسي وحلفائها الذين يتلقون دعماً من دول أجنبية.
ما حدث من تلاعب و«فبركة» إعلامية من خلال استخدام فيديوهات «يوتيوب» ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي يجعلنا نتساءل: هل انتهى تأثير الإعلام التقليدي وحان الوقت لمشاركة أكثر تفاعلية، لرؤساء الدول والمسؤولين، التي تعزز الحوار مع عامة الجمهور؟
لقد ذكر «أليك روس»، كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون للابتكار، أن عالم الاتصال في السابق كان من الحكومة إلى المواطنين كما هو الحال في الإعلام التقليدي في القرن العشرين، لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار تقنية الهواتف النقالة، أصبحت هذه المشاركة الآن من المواطنين إلى الحكومة ومن مواطن إلى مواطن. هذا التواصل المباشر مع المواطنين يسمح للقادة بالتواصل مع الجماهير بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
أهم ما ذكره الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن مصرية، «التظاهرات في مصر لا تقلقني، حتى أنا كنت أواجه مظاهرات». وأكد ترامب للصحافيين خلال لقائه مع السيسي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه غير قلق بشأن وضع الرئيس المصري، مضيفاً أن كل زعماء العالم يجدون من يعارضهم ويتظاهر ضدهم.
إذا كل زعماء العالم يجدون من يعارضهم ويتظاهر ضدهم بما فيهم الرئيس الأميركي، فلم يصور الإعلام أي تظاهرة ضد رئيس عربي يجب أن يصاحبه إسقاط للنظام؟ نجد أن وسائل الإعلام خاصة التي تستهدف أنظمة أو منطقة معينة تقوم بتطبيق نظريات إعلامية مثل، نظرية الغرس (Cultivation Theory) ونظرية جدولة الأجندة (Agenda Setting) بطريقة مخادعة تُكبّر أهمية مظاهرات صغيرة في دول معينة من خلال التكرار والتركيز على الحدث لتظهره بشكل ثوري كبير لتحرك مشاعر الجمهور، وتغرس في فكره أن هذه المظاهرات حتماً ستكون نتيجتها «إسقاط الأنظمة».
لقد واجه ترامب هذه الحرب الإعلامية ضده منذ بداية حملته الانتخابية ولهذا السبب يستخدم «تويتر» بكثافة لتوضيح مواقفه وتصحيح الأكاذيب التي يبثها الإعلام الأميركي ضده على مدار الساعة. ووفقًا لكثير من النقاد، تغريدات ترامب زادت من شعبيته. بهذه الطريقة أثبت أنه رجل لا يخاطب ناخبيه بلغة النخب، بل يخاطبهم باللغة التي يفضلونها، حتى وإنْ بدت غير لائقة وفقاً للغة السياسية والديبلوماسية.
أهمية مشاركة قادة الدول في مواقع التواصل الاجتماعي ليس فقط للرد المباشر ضد الإشاعات والمعلومات غير الصحيحة بل لخلق قاعدة شعبية تكون خط دفاع أول ضد التحريض والتشكيك. فمن خلال التواصل الاجتماعي يتم تكوين مغردين وطنيين متوافقين مع رؤية القيادة لمواجهة شخصيات عبثية، مثل محمد علي ووائل غنيم، التي تثير الفوضى. أيضا هذه المشاركة المباشرة تجعل القادة أكثر قرباً من المواطن لفهم أولوياته وما يغضبه حتى لا يُستغل من المغرضين. ومن ثم يقوم فريق إعلامي محترف بتحليل والتدقيق في ردود المواطنين لتساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي