كان حدثاً استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة، ذلك الاحتفال الكبير الذي دُعيتُ إليه وتشرفتُ بحضوره، وأقامته سفارة المملكة العربية السعودية في فندق الرتز كارلتون بأبوظبي، وشرَّفه حضور الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسعادة تركي بن عبدالله الدخيل سفير المملكة لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وحضرته أعداد غفيرة فاقت كل توقعاتنا، من الإماراتيين والسعوديين الذين أصروا جميعاً على حضور مناسبتهم الكبيرة. كما حضره كثير من أخوتنا العرب المقيمين في أبوظبي ومن الشخصيات العربية وسفراء الدول الأخرى. وكانت لفتة جميلة رائقة أنه في نفس اليوم كان سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي يفتتح شارع الملك سلمان بن عبدالعزيز في أبوظبي، احتفالاً واحتفاءً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، واحتفالا بيوم المملكة ليكون الزمن الذي يحتوي هذه المناسبة الاستثنائية. وبشكل لافت، حضرت أعداد كبيرة من أهل الإمارات حتى ليكاد المرء يقول إن أبوظبي كلها حضرت، في موقف دل على المحبة وعلى التكاتف في كل الأوقات.
كانت ليلة سعيدة ورسالة أكيدة للجميع، وهي أن العلاقة بين السعودية والإمارات لا يمكن أن تؤثر فيها جعجعة الإعلام المعادي، والذي لا شيء يقتل داعميه ومموليه سوى هذا الاتحاد العربي الذي لا يزداد إلا قوة، الاتحاد الذي يجمع السعودية والإمارات ومصر والبحرين. ولو تابعت ذلك الإعلام، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ورغم كل التحديات الكبرى التي تواجهها منطقتنا، لوجدتَه إعلاماً ساقطاً بكل معنى السقوط، إعلاماً نحر المهنية من الوريد إلى الوريد، لدرجة أنك تراه إلى يوم كتابة هذا المقال يتحدث عن عملية استهدفت نجران في جنوب السعودية ويزعم أن الحوثيين قد أسروا عسكريين من الجيش السعودي! كذبة مدوية لا تشبه قصص ألف ليلة وليلة، وخيال مريض يبحث عن الشماتة كبحث الذباب عن طعامه، وينقل عمن أسكرهم مخدر الكذب وأفقدهم وعيهم. إنه سُكر الكراهية عندما تتجاوز كل الحدود، فيبدأ الكاره باتهام مَن يكرههم بكل ما يخطر على باله، فيفرح حتى بحوادث الحريق.. فهل مرت بكم حقارة أشد من هذه الحقارة؟!
لن نغرق في الحديث عن الحاقدين، فحديثنا اليوم عن المحبين، عن إخوتنا الذين نحبهم ويحبوننا، عن أهل الإمارات، قيادة وشعباً. لقد شبّه سفير المملكة في الإمارات العلاقة بين السعودية ودولة الإمارات بأنها علاقة تشبه الهرم، راسخة على مستوى القيادة (رأس الهرم)، كما أنها راسخة على كل مستويات القاعدة لهذا الهرم عندما تصل إلى رجل الشارع والإنسان العادي. لقد رسخ السعوديون والإماراتيون أعمق صور الأُخوّة والمحبة والتعاون على كافة الأصعدة، وقد نجحت الدولتان الشقيقتان في تجسيد أُنموذج التضامن العربي الذي لطالما حلم بتحقيقه كل عربي محب لعروبته.
وأخيراً فقد أعجبني جداً ذلك الفيديو لشاب سعودي صغير يسأله أحدهم فيقول: أين تقع السعودية؟ فيجيبه: السعودية لا تقع. لله أبوه.