تلعب النقاشات الدائرة اليوم حول انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، دوراً مهماً في تطوير الفهم والوعي الحقيقي للعملية الانتخابية وفي تصويب الاختيارات، حيث إن كثافة الإقبال على التصويت وكفاءة الاختيار لهما دور مؤثر في إثراء العملية الانتخابية ونجاحها وتميزها، من خلال اختيار المرشح الكفء والأجدر لعضوية المجلس الوطني، والذي سيمثل الشعب خير تمثيل، وهذا الأمر سوف يدل دلالة واضحة على أن الوعي المجتمعي بمسألة الانتخابات أصبح أكثر نضجاً وجديراً بالتقدير.
لا نريد للمرشح الذي سيحالفه التوفيق ويفوز بعضوية المجلس الوطني أن ينسى الدور الذي يفترض أن يقوم به نحو المجتمع والناخبين، لأن عضو المجلس الوطني هو حلقة وصل بين الشعب والحكومة، وهو نواة للتواصل مع الناس والاستماع إلى مطالبهم وآرائهم واقتراحاتهم ونقل همومهم إلى حكومتنا الرشيدة، وكل ذلك سوف يصب في خدمة الوطن وأمنه واستقراره.
لا نريد من المرشح الذي سيتم اختياره عضواً للمجلس الوطني أن يقع في أي أخطاء نتيجة لنقص في الوعي السياسي والمجتمعي بمفهوم الانتخابات، وعدم الإلمام الكافي بالقضايا المحلية لأن هذا الإلمام وذلك الوعي يجعلان العضو قادراً على ممارسة دوره الانتخابي بفهم حقيقي للأهداف التي تم بناء المجلس الوطني عليها، أن ينطلق هو كعضو ممثل للشعب من خلال ممارسة دوره بشكل يتلاءم مع هذا الحدث الكبير.
إن أهمية المشاركة في الانتخابات تفرض علينا تكثيف الوعي السياسي في المجتمع حتى لا نقع في أخطاء وقع غيرنا فيها بدول أخرى، حيث يصل إلى البرلمان عندهم أصحاب السطوة ممن يملكون المال الكثير والجاه، وممن يجيدون حرفة شراء الذمم والتأثير على محدودي الثقافة وأصحاب الأيديولوجيا الفكرية المريضة والثقافة المسمومة ومحترفي الوعود والأوهام الكاذبة.
لذلك علينا..
أولاً: ترسيخ مفهوم التربية السياسية الصحيحة في المدارس والجامعات والمناهج الدراسية. بحيث يتم تدريب وتعليم الطلاب على مفهوم معنى الانتخابات وأهميته دورهم فيها.
ثانياً: تكثيف دور الثقافة السياسية في وسائل الإعلام حتى يتمكن المواطن من فهم دوره الانتخابي بوضوح ودقة، بحيث يكون الناخب على درجة عالية من الوعي الذي يُمكّنه من معرفة المرشحين وانتمائهم ودورهم القيادي والوطني وحقيقة برامجهم التي يقدمونها ومدى أهميته وقيمتها وقيمتهم الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية والقيادية ودورهم الوظيفي في خدمة المجتمعات، الانتخابات أمانة كبيرة واختيار المرشح الأفضل تترتب عليه أمور كثيرة أهمها تعزيز استقرار المجتمع.
هذه الانتخابات سوف تجعلنا نشخص مشاكلنا وهمومنا بصورة واضحة ودقيقة وخاصة أنها تنطلق من رؤية استراتيجية سياسية واضحة، وتهدف إلى ترسيخ مبادئ سيادة القانون وقيم المساءلة والشفافية وتكافؤ الفرص، والاهتمام بالعنصر البشري، لأن الإنسان هو الهدف الأساسي في حركة التنمية، حيث إن الرؤية المستقبلية سوف تركز على النهوض بالموارد البشرية وتطوير قدراتهم العلمية ومهاراتهم وخبراتهم حتى تتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة، وغرس قيم العمل داخل المجتمع وتغيير النظرة السلبية المرتبطة بالعمل المهني واليدوي، والتأكيد على مفهوم العمل باعتباره مسؤولية وقيمة. أتمنى أن تكون مشاركة أبناء وبنات الإمارات في هذه الانتخابات مشاركة كثيفة وفاعلة وإيجابية، وأن يكون اختيار الناس للمرشحين في هذه الانتخابات اختياراً موفقاً.
*كاتب إماراتي