منذ غرس فسيلة العزيمة الأولى، بأنامل الوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، أنبتت في كافة أرجاء تراب الإمارات عقولاً وأناملَ سخية ومخلصة لا تكل ولا تمل عن العمل جاهداً لرد الجميل للوطن الغالي.
كما وجد أبناء الإمارات، تشجيعاً وشحذاً غير مسبوق من حكّام الإمارات، الذين أثبتوا جدارتهم بلقب «حكماء الإمارات»، ذلك لوعيهم وبصيرتهم، وإصرارهم الدفع بعملية تأهيل والاعتماد على تطوير الكفاءات المحلية في كافة المشاريع المزمعة، سواء أكان ذلك محلياً أو عالمياً، لنشهد مؤخراً صدى إيمانهم بسواعد الإمارات، من خلال ما قدمه رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، الذي توج حلم الوالد المؤسس والجهود الإماراتية وسني سعيه العلمي والتدريبي.
إن هذه الواقعة المخلدة في تاريخ إنجازات الإمارات، التي شاركها العالم اهتماماً وفخراً كالمملكة السعودية الشقيقة، تعتبر أنموذجاً في التوجيه للعمل الدؤوب ومتابعة الطموحات السامية، على كافة الأصعدة والمجالات، وتشير بالبنان لضرورة تعزيز أواصر الثقة بين الشباب والحكومات، فحين يسمع أبناء الإمارات، بنبأ دخولها السباق العالمي لاستكشاف الفضاء عبر المريخ، يتعاظم لديهم الشعور بالمسؤولية، التي بنيت على ثقة الحكومة بقدراتهم وإمكاناتهم.
وكانت قد أولت الدولة، ولا تزال، علوم الفضاء والفلك، جل اهتمامها منذ سبعينيات القرن الماضي عندما التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» مع فريق وكالة «ناسا» المسؤول عن رحلة «أبولو» إلى القمر، لتنقش الخطوة الأولى للإمارات نحو الفضاء.
لتعمل الإنجازات السابقة وغيرها الكثير مجتمعةً، على ولادة قطاع وطني مميز يختص بشؤون الفضاء مع تأسيس شركة «الثريا» للاتصالات في أبريل 1997، وشركة «الياه»، للاتصالات الفضائية «ياه سات» بعد عشر سنوات في عام 2007، والتي جاءت مباشرةً بعد تأسيس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة»، لتكون راسية شامخة هادفةً لتعزيز علوم الفضاء والأبحاث العلمية في دولة الإمارات العربية والمنطقة، والتي دمجت قبل سنوات مع «مركز محمد بن راشد للفضاء».
كما تبع ذلك تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، دافعةً لعجلة تطوير قطاع الفضاء في الإمارات، عبر إقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية والاستثمارات في مشاريع الأبحاث والتطوير والمبادرات التجارية، ودعم الأبحاث المختصة في مجال علوم الفضاء.
وبلا شك فإن لحظة دخول مركبة الفضاء «سويوز.ام اس-15»، التي ضمت المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، قفزت بمؤشر نهضة الإمارات أكثر نحو الزهو والازدهار المستحقان، ولتكون فعلاً كما وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين قال: «الرحلة هي نقطة انطلاق لمسيرة جديدة نخوضها نحو المستقبل بكل العزم والإصرار على تجاوز التوقعات وارتقاء أعلى مراتب التميز كشريك حقيقي في صنع مستقبل يحمل الخير للإنسانية ويضمن لشعب الإمارات وشعوب المنطقة مزيداً من الرفعة والتقدم والازدهار».    
إن هذا الحدث بما أنتج من إرث وطني متميز الأداء، يدفع بتشييد مستلزمات بناء جيل جديد مؤهل وطموح من العلماء ذوي الخبرة العالية، والقياديين الذين يجعلوا من المستقبل العتبة الأولى في درب التطوير والارتقاء، فهنيئاً للإمارات حكومةً وأرضاً وشعباً. وهنيئاً لهزاع ما أضاف من بصمة متفردة، وبهجة في قلوب كل ذي طموح، ليقول بك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، مباركاً لنفسه وللوطن ولصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ببصيرته وحسن اختياره:
راجع بعون الله إلى الدار هزاع والردة حميدة
بعين العرب سويت مقدار لأجل الوطن فعلك يزيده
وأحلام زايد دايم إكبار وع عيال زايد مب جديدة
تلبس أكاليل من الغار من الفضا ورحلة سعيدة
فخر العرب واسمك بهم طار ف أكوان وأجرام بعيدة
عرف بو خالد كيف يختار قايد ونظراته سديدة
فارس على العادين كرار عساه أيامه مديدة
له نظرة تبعد ع الانظار والعلم منه نستفيده
شعبه يحبه كبار وصغار وكل العرب حكمه تريده
وخوانه لي زاكيين وخيار. ذخري للأوقات الشديدة
طموحنا عالي ونختار نمضي إلى المريخ سيده
وشبابنا باسل ومغوار عن الهدف ماشي يحيده
*أمين عام المجلس العلمي للمجتمعات المسلمة