تشكل حماية النشء من مختلف أنواع المخاطر والتحديات المتعلقة بمستجدات عصرنا الراهن أبرز أولويات دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتجسد ذلك بشكل خاص في المبادرات التي يتم تبنيها على المستويات كافة، كما تمثل القرارات والقوانين التي تتم صياغتها من حين لآخر وسيلة أساسية لبلورة نوايا الجهات الحكومية المعنية بعالم الطفولة وترجمة حية للسياسات العامة في هذا الإطار، فمستوى التقدم الكبير الذي حققته الدولة خلال السنوات القليلة الماضية في مجال تكنولوجيا المعلومات، واكبه وعي رسمي كبير بالتحديات المتعلقة بذلك على أمن وسلامة الأطفال، خاصة شبكة الإنترنت التي تنطوي على أوجه عديدة من السلبيات بموازاة ما توفره من إيجابيات للمجتمع والدولة.
ومن خلال تتبع بعض الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات للحد من التأثيرات السلبية للشبكة العنكبوتية يتضح لنا مدى استيعاب القائمين على الشأن العام بمختلف أبعاد التطور المتسارع في مجال الإنترنت وما يمكن أن يرافق ذلك من أعمال تضر بمصلحة الوطن وتعبث بأمن وحياة مواطنيه. وبما أن الطفولة في مختلف مراحلها تمثل الحلقة الأضعف في أي مجتمع، فقد كرست الدولة جهودها كافة لمنعها من التعرض لكل الأساليب التي يلجأ إليها البعض لإلحاق الضرر بها، كالتغرير بالمراهقين وإغرائهم بتبنّي أفكار تهدم المجتمع وتستغلهم لخدمة أهداف وأجندات مجموعات إرهابية أو عصابات إجرامية.
وعمدت الدولة خلال السنوات القليلة الماضية إلى تبني استراتيجيات عدة تهدف إلى حماية فئة الأطفال والمراهقين من مخاطر الفضاء الإلكتروني والحد من تعرضهم لأي بيانات قد تؤثر في أفكارهم القيمية أو تعرضهم للاستغلال والابتزاز، وفي هذا السياق جاء ترؤس دولة الإمارات، الاثنين الماضي 7 أكتوبر، الاجتماع السنوي لفريق عمل المجلس المعني بحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت في مقر الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف، بهدف مناقشة خطة تطوير الأدلة الإرشادية العالمية لحماية الأطفال من سلبيات الإنترنت، وتبادل التجارب والخبرات بين الدول الأعضاء، لبناء برامج فعالة ومؤثرة لتوعية الأطفال وأولياء أمورهم حول المخاطر المتعلقة بالتكنولوجيا، وسبل التعامل الآمن معها.
وينبع اختيار دولة الإمارات لترؤس هذا الاجتماع من تقييم الجهات المشاركة لتجربتها الناجحة في حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، فضلاً عن تمكنها من تحقيق سلامة الأفراد والمجتمعات بشكل عام على الشبكة المعلوماتية، بما يؤدي إلى تعزيز السعادة والرخاء والأمن في دول العالم كافة. ولذا فإنه ليس من المستغرب اليوم أن تصنف دولة الإمارات واحدة من أكثر دول العالم أماناً في المجال الرقمي، كما أنه ليس من المستغرب أن تسعى العديد من دول العالم إلى الاستفادة من تجربتها في إدارة الفضاء الإلكتروني ومحتوى شبكة الإنترنت بما يتناسب مع أمن ومستوى الأطفال واليافعين وانسجامه مع مهاراتهم وقدراتهم المعرفية.
إن نجاح دولة الإمارات في خلق التوازن بين الاستفادة من شبكة الإنترنت وتوخي الحذر من أضرارها يعود بالدرجة الأولى إلى حرص قيادتها على توفير البيئة المناسبة لمواكبة التكنولوجيا الحديثة والعمل في الوقت نفسه على ربطها بحاجة المجتمع وانسجامها مع خصوصيته. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما جاء في مضمون تصريح سابق لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، حيث دعت سموها بمناسبة اليوم العالمي للإنترنت الآمن -الذي يأتي في السادس من فبراير من كل عام- مؤسسات الدولة كافة، وأولياء الأمور والأمهات إلى تكثيف الجهود الهادفة إلى إيجاد آليات عمل فعالة، تعزز قاعدة توعية شاملة لجميع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بصفة عامة، لتعريفهم بمنافعها وأضرارها. وقالت سموها «... لا تخفى على أحد الأضرار الكبيرة على النشء من الاستخدام غير الآمن لهذا التطور التقني، وبالتالي فإن الجميع مدعوون إلى التنبه لهذا الأمر، خاصة الأسر وأولياء الأمور، وتوجيه أبنائهم نحو الطريق السليم».
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية