في أحدث تقرير للبنك الدولي، توقع نمواً للاقتصاد الروسي بنسبة 1.7 في المئة العام المقبل، و1.8 في المئة 2021. ولكن هذا يبقى أدنى من خطة وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، التي تسعى لتحقيق نمو مستهدف يبلغ 3.1 في المئة.
جاءت هذه التوقعات، في وقت تولي الحكومة الروسية اهتماماً كبيراً لتحسين دخل المواطنين في إطار جهود الحد من الفقر، بوصفه من الأهداف الرئيسية التي دعا الرئيس فلاديمير بوتين إلى تحقيقها عام 2024، ضمن خطته الاقتصادية. ويحتل الاقتصاد الروسي  حالياً المرتبة الحادية عشرة بين أكبر اقتصادات دول العالم، ويقدر حجمه بنحو 1,44 تريليون دولار. لكن هذه المرتبة لا ترضي طموح بوتين الذي يسعى للانضمام إلى الدول الخمس الأكبر في الاقتصاد العالمي. ويبدو أنه يأخذ بالاعتبار لتحقيق طموحه، علاقاته الدولية وإنجازاته في الخارج، خصوصا أن روسيا نجحت في العودة إلى الإقليم والعالم، لاستثمار هذا النفوذ الكبير والقوي لضمان مصالحها السياسية والاقتصادية، في ظل إقامة علاقات جيدة وعملية مع كل دول المنطقة قائمة على مبدأ الشراكة، وحتى التحالف مع بعض هذه الدول، وبينها الدول العربية، لاسيما دول الخليج. ولعل أول ترجمة لهذا الإنجاز، كان نجاح التنسيق الروسي -السعودي لضمان استقرار سوق النفط الذي وفر دخلا إضافيا في موازنة روسيا 2018 بنحو 30 مليار دولار، وقد برزت أهميته في وقت تعرض فيه الاقتصاد الروسي لمخاطر الركود.
نجح الرئيس بوتين في أن تصبح روسيا لاعباً فاعلاً في المنطقة، وموسكو تعتبر الخليج «مركزياً» في حساباتها. ومن هنا يتجه التركيز إلى تقاطع المصالح وإمكانيات العمل المشترك، وإذا كانت الدول الخليجية تدرك أكثر فأكثر وزن روسيا الإقليمي والدولي تبعا للاختراق الذي سجلته في شرق المتوسط، فإن موسكو من جهتها تقر بأهمية دور دول مجلس التعاون في صنع القرار العربي في أهم المناطق الاستراتيجية بالعالم، بما لديها من ثروات وإمكانيات استثمارية في الاتجاهين. مع العلم أن الاستثمارات السعودية في النفط والغاز في روسيا، تطورت مؤخراً من الصفر إلى 2.7 مليار دولار، وهي استثمارات مهمة لمشروعاتها القومية، وتطمح إلى مضاعفتها بتوقيع«اتفاقات كبرى» خلال الزيارة المرتقبة للرئيس بوتين للمملكة.
وكذلك ترتبط الإمارات مع روسيا بعلاقات اقتصادية واستثمارية متميزة، حيث سجل التبادل التجاري بينهما ارتفاعاً بنسبة 21 في المئة إلى نحو3 مليارات دولار العام الماضي، وبلغ عدد الشركات الروسية ثلاثة آلاف شركة، وتم الاتفاق على مشاريع استثمارية بأكثر من ملياري دولار.
لاشك في أن التطلعات على مسار علاقات روسيا بدول الخليج، يجب ألا تتوقف عند حد التوجهات الإيجابية التي يعيشها الطرفان، بل العمل على تحويلها إلى مسارات استراتيجية وفق سياسات«المنفعة المتبادلة».
*كاتب لبناني متخصص في الشؤون الاقتصادية