تجسّد «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل» رؤى وطموحات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، نحو تكوين أنموذج متفرد لحكومة المستقبل، يعتمد على استشراف المستقبل ويحقق الفرص والحلول الاستراتيجية المبتكرة، سعياً إلى تنفيذ «رؤية الإمارات 2021» و«مئوية الإمارات 2071» والمبادرات المتعلقة بهما، وصناعة مستقبل يكون أكثر تجاوباً وجاهزية للتغيرات المتسارعة، وترسيخ استخدام أدوات متطورة للتعامل مع الفرص والتحديات المستقبلية، وبما يضمن وضع السيناريوهات والحلول الاستباقية للمتغيرات المقبلة، على أسس علمية خالصة، ترتكز على محاور رئيسة، تتعلق بآلية عمل الحكومة وبناء القدرات وغيرها.
وجاء تنظيم حكومة دولة الإمارات مختبرَين لاستشراف المستقبل، مؤخراً، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو»، في إطار التوجهات الحكومية لبناء القدرات الوطنية وتطوير نظام حوكمة متكامل، وتعزيز الجاهزية وإيجاد الحلول لتحديات القطاعات الحيوية المستقبلية، وذلك بمشاركة أكثر من 50 مديراً ورئيس قسم في 23 جهة حكومية اتحادية، و60 طالباً وطالبة من 7 جامعات في الدولة، وذلك بهدف مواءمة السياسات الحكومية ووضع الخطط الاستباقية البعيدة المدى، وتعريف المشاركين بأفضل السبل لاستخدام أدوات استشراف المستقبل في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات والسيناريوهات المحتملة، ضمن إطار زمني محدد.
وتبنت دولة الإمارات مبادئ وممارسات تعزيز الجاهزية للمستقبل في مختلف القطاعات انسجاماً مع «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل»، بوضع أنظمة حكومية تجعل من الاستشراف جزءاً من عملية التخطيط الاستراتيجي في الحكومة، بعد تمكينها من بناء نماذج مستقبلية للقطاعات المحورية، للتأكد من مواكبتها لمختلف التغيرات، الأمر الذي يسهم في توجيه السياسات وتحديد الأولويات بالشكل الأمثل ويساعد على وضع الخطط المستقبلية بدقة وموضوعية، وقابلة للتعديل بحسب المتغيرات بكل مرونة، ولاسيما فيما يخص التعامل مع التحديات المتوقعة، لإحداث نقلة نوعية ومتجددة ومتواصلة في العمل الحكومي.
لقد شملت «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل» التي تم إطلاقها في عام 2016 على بناء نماذج مستقبلية للقطاعات كافة، وعقد شراكات دولية وتطوير مختبرات تخصصية وإطلاق تقارير ودراسات متخصصة حول مستقبل مختلف القطاعات في الدولة، حيث تتولى وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل دور الداعم والمنسق لجهود استشراف المستقبل، من جهود ومبادرات ومشاريع وسياسات، ومتابعة تنفيذها لدى مختلف الجهات الحكومية، بهدف ترسيخ ثقافة المستقبل لديها، ونشر الوعي بأهمية ذلك، وبما يعزز من مكانة دولة الإمارات كوجهة عالمية للمستقبل، وخاصة في قطاعات رأس المال البشري والتكنولوجيا والأنظمة الذكية والاستدامة والبيئة وتغير المناخ والبنية التحتية والمواصلات والصحة والتعليم والطاقة والاقتصاد والأمن بشتى صنوفه.
ويعدّ تصميم دليل لأدوات استشراف المستقبل، بوصفه أداة لتمكين الجهات الاتحادية العاملة في مجال استشراف المستقبل من تبنّي إطار عمل موحد لاستشراف المستقبل، يتضمن أحدث الأدوات والتوجهات العالمية، حيث يهدف الدليل إلى تنمية مهارات وقدرات الجهات الحكومية ‏لتمكينها من تطوير استراتيجيات وسياسات وبرامج وخدمات، تساعدها في تشكيل ملمح واضح لمفهوم استشراف المستقبل وأهميته، عبر توضيح كيفية استخدام الأدوات المناسبة، لصياغة سياسات وبرامج وخدمات وقرارات استراتيجية مستقبلية، تساعد على ترقب التغيرات على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية.
إن العمل على استشراف المستقبل جاء انطلاقاً من اهتمام وتركيز دولة الإمارات على تعزيز مكانتها المرموقة كوجهة رائدة عالمياً للمستقبل المستدام، حيث عملت على اعتماد المبادرات وتنظيم المنصات الفكرية المستقبلية، وأهمها: القمة العالمية للحكومات والاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية، المتخصصة باستشراف مستقبل العالم في عدد من القطاعات التنموية والعلمية والاقتصادية والسياسية، بهدف وضع أجندة مستقبلية واضحة للعديد من التحديات التي يشهدها العالم اليوم، من دون إغفال الاهتمام باستشراف مستقبل القطاعات الحديثة، كالثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وتحقيق التقدم التقني فيها، والارتقاء بمستويات الحياة والرفاه والاستقرار.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية