في يوم الأربعاء 23 أكتوبر، قام رئيس دولة إسرائيل بتكليف الجنرال جانتس، زعيم تحالف «أزرق أبيض»، بتشكيل الحكومة بعد فشل نتنياهو. وأمام جانتس 28 يوماً لإنجاز المهمة أو إعادة التكليف للرئيس، حيث تتبقى مهلة أخيرة هي ثلاثة أسابيع، يمكن فيها ترشيح عضو كنيست ثالث بمهمة التشكيل إذا ما رشحته للرئيس غالبية أعضاء الكنيست، وإذا فشل فلا مفر من الذهاب إلى انتخابات ثالثة خلال عام واحد، بعد الأولى التي جاءت في أبريل والثانية التي جاءت في سبتمبر.
ويرى المراقبون الإسرائيليون أن جانتس، ولديه 33 مقعداً، سيفشل هو الآخر، وأن هناك فرصة ضعيفة لتشكيل الحكومة بعد إعادة التكليف للرئيس في المهلة الأخيرة، وأن أمامه حالياً فرصتين عسيرتين كالتالي:
الفرصة الأولى أن ينجح في تشكيل حكومة وحدة مع حزب «الليكود» (لديه 32 مقعداً)، وهي فرصة يعترضها شرطان طرحهما نتنياهو؛ الأول أنه يعتبر «الليكود» جزءاً من كتلة أحزاب اليمين والحريديم (55 مقعداً) وأنه لن يشارك في الحكومة إلا مع هذه الكتلة. والشرط الثاني أنه يريد عند تقاسم مدد رئاسة حكومة الوحدة مع جانتس أن يشغل هو أولاً منصب رئاسة الوزراء.
يقول المراقبون إن هذين الشرطين مقصود بهما، من جانب نتنياهو، إفشال فرصة جانتس في تشكيل الحكومة، بقصد الوصول في النهاية إلى انتخابات جديدة قد تحمل لنتنياهو فرصة الفوز والتحصن بمنصب رئيس الوزراء من الملاحقات القضائية. وبالطبع فإنه من المفهوم أن التفاف أحزاب اليمين والحريديم حول نتنياهو واستعدادها لتحصينه، يأتي ثقةً في إخلاصه لأهداف اليمين في ابتلاع معظم أراضى الضفة الغربية ورفض إقامة دولة فلسطينية، وأيضاً للثقة في مهاراته السياسية في المجال الدولي.
يلاحظ المراقبون أن جانتس يدير حركته منذ تلقى التكليف، بهدف تحميل نتنياهو مسؤولية الفشل في تشكيل الحكومة، على أساس أن الجماهير لا تريد انتخابات ثالثة، وأنها ستعاقب من يتسبب فيها. من هذا المنظور يمكن فهم المرونة التي أبداها جانتس، عندما أبلغ نتنياهو باستعداده لقبول شرط واحد من الشرطين، وبهذا وضع نتنياهو في ورطة.
الفرصة الثانية العسيرة المتاحة لجانتس، هي أن يشكل حكومة أقلية تستند إلى تأييد القائمة العربية المشتركة (13 مقعداً) من الخارج لتوفير الأغلبية اللازمة التي تسمح بقبولها في الكنيست. وهناك سيناريوهان لتشكيل هذه الحكومة، الأول أن تتشكل من «أزرق أبيض» (33 مقعداً) و«إسرائيل بيتنا» بزعامة ليبرمان (8 مقاعد)، ومن اتحاد حزبي «العمل» و«جيشر» (6 مقاعد)، ومن «المعسكر الديمقراطي» (5 مقاعد).. بما مجموعه 52 مقعداً. وهذا سيناريو صعب للغاية، بسبب مواقف ليبرمان المحرِّضة ضد العرب والكارهة لوجودهم داخل إسرائيل.
والسيناريو الثاني أن تتشكل الحكومة من دون حزب ليبرمان من 44 مقعداً، أي حين يمتنع حزب ليبرمان عن التصويت على الحكومة في الكنيست، لتمر بأغلبية الأصوات السبعة والخمسين مقابل 55 لكتلة اليمين.. وهو سيناريو إذا نجح سيكون هدفه الوحيد إخراج نتنياهو من رئاسة الوزراء؛ لأن مواقف العرب ستختلف سريعاً مع الحكومة حول التحركات على الجبهة السورية وجبهة غزة.
ما علينا إلا الانتظار لنرى هل ينتهي الانسداد السياسي وأزمة الحكم، أم نصل إلى انتخابات ثالثة؟