ما زال الحديث مستمر عن ملف التوطين وأهميته في ظل الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حول دور شباب الوطن في مسيرة التنمية إذ قال: «إن الأمم الناهضة هي التي تستثمر في الشباب، وتعمل على تأهيلهم وتمكينهم وتوظيف قدراتهم بالشكل الأمثل، لأنهم ثروة الأوطان الأغلى، والمورد الذي لا ينضب أبداً، والمحرك الأساسي لعجلة التطوير والبناء والتقدم في أي بلد»، وما زلنا نتصفح «بوابة التوطين» لوزارة الموارد البشرية والتوطين على ضوء القرارات الاستراتيجية الأخيرة في مجال التوطين التي أصدرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، آملين أن تقوم الوزارة بإجراء دراسة شاملة لمحتويات «البوابة» بما يتوافق وتلك القرارات. ومن النقاط التي بحاجة إلى مراجعة، الشق الخاص «بالأسئلة الأكثر شيوعاً»، إذ أنها مكررة في الموضوعات الأربعة الرئيسية المنشورة وهي: الباحث عن عمل، أصحاب العمل، التدريب والإرشاد والتوجيه المهني، والأفضل هو تصنيف تلك الأسئلة وإجاباتها حسب الموضوع. أضف إلى ذلك اقتصار المكافآت والأفضلية في التعامل، فقط على أصحاب العمل وتوفير «نادي شركاء التوطين» لهم بامتيازات متنوعة في حين يتم تجاهل المواطن الذي يقوم بإنجازات ملموسة في القطاع الخاص أو ذلك، الذي يستطيع البقاء في الجهة نفسها خمس سنوات متتالية على سبيل المثال مما يعكس ارتياحه في بيئة العمل.
كما يفتقر نظام احتساب النقاط الخاص باستفادة أصحاب العمل من مميزات «نادي شركاء التوطين» لتقييم خاص بالمسار الوظيفي الواضح للمواطن في القطاع الخاص وحقوقه في الترقيات للدرجات الوظيفية الأعلى كما لا توجد معلومات عن الإجراءات التي تقوم بها الوزارة في حال تم فصل المواطن تعسفيا من الوظيفة، والمعلومات المنشورة فقط خاصة بنظام التظلمات وهي إجراءات عامة تنطبق على الموظفين من كافة الجنسيات ولكن الملاحظ في السنوات الأخيرة قيام بعض شركات القطاع الخاص والبنوك بإجراء الفصل التعسفي للعديد من المواطنين حسب قولهم في وسائل الإعلام. كما نتوقع من الوزارة نشر قائمة بشركاء التوطين حسب المستويات الفضية والذهبية والبلاتينية وإنجازاتهم في مجال التوطين.
ولعل أبرز النقاط التي بحاجة إلى مراجعة من الوزارة هي الشق الخاص بالسماح لشريك التوطين في القطاع الخاص بالمضي قدما في توظيف الجنسيات الأخرى في حال تعذر العثور على مواطن لشغل الوظيفة المتاحة، إذ أن ذلك الإجراء سوف يسمح باستمرار لبعض جهات القطاع الخاص باستقدام موظفين من دول أخرى بحجة عدم ملائمة المواطن المرشح للوظيفة وخاصة في ظل غياب الشفافية في المعلومات الخاصة بالمقابلات الوظيفية وما جرى خلالها أو امتيازات الوظيفة المعروضة على المواطن، أو غياب الرقابة على الجهات الخاصة خلال إجراءات توظيف المواطنين أو الأسباب الحقيقية وراء إنهاء خدمات المواطن خلال فترة التجربة. كما نتوقع أيضاً من وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن تنشر إنجازات الشركات الحكومية وشبه الحكومية الاتحادية والمحلية والخاصة في توظيف المواطنين وتوفير بيئة العمل السليمة التي تضمن استمرارهم لفترة طويلة في نفس موقع العمل.
كما أنه من الأنسب قيام وزارة الموارد البشرية والتوطين بنشر التعاون بينها وبين وزارة التربية والتعليم حول طرق مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، لكي تتضح للمواطن جميع الجوانب الخاصة ببرامج التوطين ولتعمل جميع الجهات في الدولة على تحقيق مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما قال: «قوة الدول بقوة مواردها البشرية. وكوادرنا الوطنية مع المواهب الخارجية الموجودة لدينا يمثلون أعلى الأصول البشرية.».
*باحث إماراتي