الإرهاب فرض نفسه على العالم مطلع القرن الحادي والعشرين، بسقوط البرجين في نيويورك من قِبل بن لادن صاحب «الفسطاطين» الذي قسّم العالم إلى دار للإسلام ودار للكفر. وكانت النتيجة إعلان بوش الابن حرباً «صليبية» غزا خلالها بلدانا إسلامية باسم ضرب الهوية الأميركية في الصميم.
لقد تضرر الإسلام والمسلمون البالغ عددهم قرابة ثلث سكان العالم، من تهمة الإرهاب، التي هيمنت على نظرة الغربيين، واشتغلت الآلة الإعلامية في البحث عن أي سلوك خاطئ للفرد المسلم في أي مكان لإبرازه وتضخيمه، بل ذهبت بعض الدول الأوروبية أبعد من ذلك إلى حد إصدار قرارات سيادية عبر البرلمان، الذي يدفعه تطرف مضاد ضد أي رمز ديني في المجتمع العلماني الذي ذهب بعيداً عن الدين إلا أن كارثة 9/11، أعادت المسألة الدينية إلى الواجهة.
فقد شرع البرلمان الفرنسي، من باريس عاصمة التنوير العالمي، حظر النقاب في سابقة لم تعهدها فرنسا عبر تاريخها الحضاري، بل وفرضت غرامة مالية تصل إلى 2000 يورو للمسلمة المخالفة، لكي يخرج أحد المسلمين الفرنسيين من أصحاب المال مدافعا عن المسلمة في لباسها الخاص والتكفل بدفع غرامات المسلمات من ماله الخاص.
ذهب بوش الابن أدراج رياح السياسة، فجاء أوباما الذي أعد الخطة والعدة لاصطياد رأس الإرهابي بن لادن في باكستان بعملية عسكرية متقنة في 2 مايو2011، ورمى جثته في البحر بحجة ألا يكثر أتباعه.
من غرائب الصدف أن يتم التخلص من زعيم «القاعدة» في العام نفسه، الذي أطل فيه «الربيع القاني»، الذي كان أكثر شراسة من فعائل بن لادن عندما ولّع شرارته الشاب التونسي الذي أحرق نفسه في مشهد درامي اقتلع فيه النظام الحاكم، وامتداد محرقة التونسي إلى مصر مبارك، وسوريا ابن الأسد وعراق الصدامات العديدة واليمن الذي خطف «الحوثي» السعادة منه ولبنان. ولقد ولد من «رحم» بن لادن أبو مصعب الزرقاوي الأردني الجنسية، وقد سحبت منه لاحقاً، وفي ضربة جوية أميركية تم التخلص منه ببعقوبة في العراق يوم السابع من يونيو عام 2006.
فجأة ظهر تنظيم «داعش» في يونيو 2014، وظهر أبوبكر البغدادي في 2015 قائداً للتنظيم، باكتساحه مئات الكيلومترات من الأراضي السورية والعراقية في لحظة زمنية فارقة، فكان ردة فعل أوباما آنذاك بسرعة البرق في الإعلان عن تحالف دولي لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية من قرابة 70 دولة من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق للتخلص مما أطلق عليه «داعش» الذي دنس الإسلام بسمعته القبيحة وأفعاله البشعة. في الفترة الأولى من ولاية أوباما كان عدد «داعش» 5000 فرد، وقد وصل عددهم في الفترة الثانية من رئاسته إلى 50000 فرد كيف لا نعرف؟!
صدق أو لا تصدق، ففي عام 2018 وصل فلول «داعش» إلى الأراضي اللبنانية، وأعيدوا من هناك عبر باصات مكيفة إلى أوكارهم في «إدلب» ولم يمسهم أحد بسوء، ولم تتم مصادرة أسلحتهم من قِبل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.
وبعد الساعة الثانية صباحاً بتوقيت الإمارات تقع عيني على تويتر «ترامب» وهو يغرد كالبلبل الصداح، بأن أمراً جللاً قد وقع وخبراً عظيماً في طريقه إلى النشر في يوم السبت الموافق 26 أكتوبر2019، وفي اليوم التالي أفصح ترامب عن قتل البغدادي بعملية خاطفة.
استقبل العالم هذا الخبر المفرح بصدر رحب، ولكن إسرائيل تريد المزيد، فقد سارعت بالإعلان عن قائمة الاغتيالات المقبلة بكل وضوح.
وهذا ما كشفت عنه «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن تحذير أطلقه ضباط عسكريون رفيعو المستوى، من «أعداء كثر على جبهات عدة»، متسائلة عن الإجراءات التي تتخذها السلطات «لدرء خطرهم؟». يحتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني المركز الأول في قائمة إسرائيل للاغتيالات، ونظرا لكونه «رأس الأفعى» باعتباره العدو رقم 1 المسؤول عن الدعم الدائم لمشروع «حزب الله» اللبناني، خاصة ما يتعلق بالصواريخ الدقيقة.
أما الشخصية الثانية، فهو الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، الذي حوّل هذا الحزب ليصبح الأكثر هيمنة في لبنان.
والشخصية الثالثة التي تمثل«خطراً محدقاً على أمن إسرائيل» وفقاً للصحيفة، فيشغلها رئيس المجلس العسكري لـ«سرايا القدس» الفلسطينية بهاء أبو العطا.