يمثل إعلان شركة تويتر المفاجئ، يوم الأربعاء الماضي، اعتزامها التوقف عن بيع إعلانات سياسية، نقطة تحول في الإعلانات السياسية مدفوعة الثمن على الإنترنت. لقد قامت تويتر بخطوتها، وسيتزايد الضغط الآن على عمالقة الإنترنت الآخرين، وخاصة فيسبوك، لكي يستجيبوا أيضاً.
ولكن إليكم خطوة من شأنها السماح بالإعلانات السياسية والعمل في الوقت نفسه على ردع حملات المعلومات المغلوطة، واستعادة الشفافية، وحماية سوق الأفكار القوية: بيعوا الإعلانات السياسية، لكن أوقفوا ممارسة التوجيه الدقيق لتلك الإعلانات.
التوجيه الدقيق هو ممارسة من ممارسات التسويق والمبيعات تقوم على تحديد نطاق توزيع إعلان من الإعلانات وقصره على مجموعة محددة من الناس، مثل الرجال العزّاب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً والذين يعيشون في شقق و«يحبون» فريق «واشنطن ناشيونالز» للبيسبول. لكن إذا كانت الإعلانات الموجهة بشكل دقيق يمكن أن تكون طريقة جيدة لبيع مزيل العرق، فإن ذلك لا يجعلها طريقة آمنة لـ«بيع» المرشحين. ذلك أنه من السهل اختيار مجموعات معينة وتوجيه معلومات سياسية مغلوطة إليها من دون رقيب أو حسيب، لأن الجمهور بشكل عام لا يشاهد الإعلانات أبداً.
غير أن وصفة الرئيس التنفيذي لـ«تويتر»، جاك دورسي، أي قتل الإعلانات السياسية كلياً، ليست الطريقة الوحيدة لمعالجة المشكلة. فإحدى المعضلات الرئيسية لنظام الإعلانات السياسية الحالي على الإنترنت هي الطريقة التي تبيع بها منصات الإنترنت إعلاناتها. وقد أثبت التوجيه الدقيق من قبل لاعبين محليين وأجانب في عام 2016 أنه سلاح قوي وفعال لنشر المعلومات المغلوطة وزرع الفرقة. وليس هناك أي سبب للاعتقاد بأنه لن يُستخدم بشكل أكثر فعالية مستقبلا.
ومن شأن إلغاء التوجيه الدقيق للإعلانات السياسية أن يعالج نسبة لا بأس بها من أسوء المشاكل التي نراها في الإعلانات السياسية على الإنترنت اليوم. إذ من شأنه أن يعزز الشفافية والمحاسبة، ويردع المعلومات المغلوطة ويزيلها، ويوحد الأميركيين.
وحري ببائعي الإعلانات الكبار الآخرين على الإنترنت، مثل غوغل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت وفرايزون، أن يبحثوا بشكل طوعي إمكانية العدول عن الإعلانات السياسية الموجَّهة بدقة.
هذا الأمر من شأنه أن يشكّل تحولاً كبيراً من الطريقة التي تباع بها الإعلانات السياسية على الإنترنت اليوم. لكن مثلما يُظهر إعلان تويتر، فلا شيء بشأن الوضع الراهن غير قابل للتغيير. إنه نتيجة القرارات التي اتخذتها شركات الإنترنت. فهل ستواصل تلك الشركات استخدام تقنية بيع الإعلانات التي تتسبب في تقسيم ديمقراطيتنا أكثر؟ لقد خلقت شركات إعلانات الإنترنت هذه المشكلة. فما الذي هي مستعدة لفعله من أجل معالجتها؟
الواقع أنه سيكون من غير الحكيم وغير الضروري وغير المجدي منع سوق الإعلانات على الإنترنت كلياً. فسوق الإنترنت برمته انتقل إلى الإنترنت. والإعلانات السياسية على هذه الأخيرة باتت تمثّل جزءاً مهماً من خطابنا السياسي، بل ربما الجزء الأهم. وشخصياً، أفضل مزيداً من الخطاب السياسي وليس تقليله.
والواقع أنه من شأن الخطوة الأقل تطرفاً بكثير، والمتمثلة في نبذ التوجيه الدقيق للإعلانات السياسية، أن تعيد عقارب الساعة بنحو اثنتي عشرة سنة إلى الوراء. ففي العقود التي سبقت شروع فيسبوك في بيع الإعلانات المستهدفة ابتداءً من عام 2007، كانت الكثير من الحملات الانتخابية تخاض بشكل محكم. فوقتها، كان اللاعبون السياسيون الذين يرغبون في التواصل مع الناخبين بشكل منفرد أو بطريقة جد مستهدفة، يستطيعون فعل ذلك باستخدام بريدهم الإلكتروني والهاتف وقوائم العناوين. وبالمثل، فإن أي شيء كان ينشره اللاعبون السياسيون على صفحاتهم الخاصة، كان يصل إلى أتباعهم. ولئن كان تقريب سوق إعلانات الإنترنت الخاص بالإعلانات السياسية، لن يقضي على كل مشاكل الإعلانات السياسية على الإنترنت، فإن من شأنه القضاء على بعض من تلك التي تشكّل أكبر تهديد لخطابنا.
وخلاصة القول: عندما يحاول مرشحون، أو أي شخص آخر، التأثير على الناخبين، فينبغي أن يكونوا مستعدين للسماح لنطاق عريض من الناخبين بالاستماع إلى ما سيقولونه، وليس قلة محدَّدة ومستهدَفة بدقة فقط.
إيلين وينتروب
*رئيسة «لجنة الانتخابات الفيدرالية» في الولايات المتحدة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»