انسجاماً مع مستهدفات التنمية المستدامة في حفظ الموارد، جاء اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة قبل نحو عام من الآن «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي»، سعياً إلى تطوير منظومة وطنية شاملة تقوم على أسس تمكين إنتاج الغذاء المستدام، وتحديد عناصر سلة الغذاء الوطنية، من خلال 38 مبادرة رئيسية، تعمل على تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراده، وتحديد خطط توريد بديلة، بما يجعل دولة الإمارات الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وضمن أفضل 10 دول بحلول عام 2021.
إن أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي الخاصة بتطوير إنتاج محلي مستدام ممكَّن بالتكنولوجيا لكامل سلسلة القيمة، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، وتعزيز قدرات البحث والتطوير في هذا المجال، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال ضمن قطاع الإنتاج الزراعي، والحد من فقد وهدر الغذاء، وضمان سلامته وتعزيز إجراءات السلامة والوقاية في مجال نشاطات الأغذية التجارية وغيرها، جعلت حكومة دولة الإمارات تواصل جهودها في مجالات الأمن الغذائي، حيث استعرض المجلس الوزاري للتنمية مؤخراً، خلال اجتماعه في وزارة شؤون الرئاسة بأبوظبي برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، عدداً من القرارات والمبادرات، وأبرزها إنشاء مجلس الإمارات للأمن الغذائي، الهادف إلى الإشراف على تطبيق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، بإشراك كل الجهات المختصة بإدارة وتنظيم ملف الغذاء في الدولة لإدارة وتنفيذ برامج الأمن الغذائي بشكل فعال، وخاصة كل ما يتعلق بأهداف هذه الاستراتيجية.
وإضافة إلى توجه دولة الإمارات في حوكمة ملف الأمن الغذائي، فإنها تعتبر الذكاء الاصطناعي وسيلة رائدة وعصرية تسهم في الارتقاء بكفاءة منظومة توفير الغذاء النظيف والصحي والآمن، وتلبي الاحتياجات الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان، وذلك من خلال توظيف تقنياته في مجال تكنولوجيا الزراعة والاستزراع المائي، وتحليل البيانات الخاصة بالمحاصيل، بما يضمن ترشيد الموارد ويحافظ على كامل قيمتها الغذائية، حيث تعتمد «استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي» على هذه التقنيات في التشجير والزراعة بكل أنواعها، وإنتاج المحاصيل الزراعية والغذاء، إضافة إلى دور الحزم الاستثمارية التحفيزية التي خصص بموجبها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، مليار درهم في تعزيز القطاع الزراعي والأمن الغذائي، عبر تشجيع الاستثمار وتوظيف الذكاء الاصطناعي.
وفي التاسع من نوفمبر الجاري، كشفت معالي مريم بنت محمد سعيد المهيري، وزيرة دولة، المسؤولة عن ملف الأمن الغذائي، في حديث صحفي، عن وصول دولة الإمارات إلى المرتبة الـ 31 في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بعد أن كانت في المرتبة الـ 33، وذلك في ظل عدد من المبادرات، أبرزها «مبادرة تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لإيجاد حلول قائمة على التكنولوجيا الحديثة لتحديات الزراعة وإنتاج الغذاء، وإطلاق برنامج عمل المسرعات الحكومية لـ «تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة» ليتكامل مع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، عبر إطلاق 10 مبادرات تركز على تطوير الأمن الغذائي وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهها، إضافة لإطلاق البرنامج «المنصة الإلكترونية الشاملة لمعلومات الأمن الغذائي» بهدف استقطاب الاستثمارات الخارجية وغيرها، فضلاً عن إطلاق الحكومة خريطة طريق الأمن الغذائي القائم على الابتكار في الشرق الأوسط، ارتكازاً على مجالات رئيسية أهمها: تطوير استراتيجية للبيانات الغذائية، وتطوير استراتيجية مبتكرة للبحث والتطوير، وإنشاء برنامج وطني لنفايات الغذاء، وتعزيز البيئة التجارية الإقليمية، وتحسين أداء الأمن الغذائي على مستوى المنطقة وغيرها.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية