في الوقت الذي يستعد فيه «الجمهوريون» الدفاع عن الرئيس دونالد ترامب في المرحلة التالية من عملية المساءلة، أوضحوا أنهم سيؤيدون أي مخالفة من جانبه. وما يجعل تواطؤهم الأخلاقي أكثر عمقاً هو أنه لا يمثل مفاجأة.
ف«الجمهوريون» لم يجدوا أنفسهم فجأة مع رئيس اتضح أنه مختلف عن أي شخص شغل المنصب. بل كانوا يعلمون تماماً من هو ترامب. وليس هذا فحسب، فقد حاول كثيرون منهم تحذير البلاد وحزبهم من مغبة انتخابه رئيسا. وقد كانوا على صواب في تحذيرهم. لكن اليوم أفضل ما يمكن قوله أنهم جميعاً- فيما عدا استثناء أو اثنين- يحاولون التزام الصمت أمام تصرفات ترامب ويتهربون من الإجابة عن أسئلة بشأن الرئيس الذي يؤيدونه. وبعضهم أصبح من أكثر المدافعين عنه حماساً ويفسرون هذا بحماس بأن نقاط الضعف التي حذروا منها هي في الواقع نقاط قوة وأن الرجل الذي انتقدوه بشده هو بطل في الواقع.
دعنا نذكر أنفسنا بما قيل عامي 2015 و2016 حين كان ترامب يمضي قدماً في الاستحواذ على حزبهم. لقد قال السناتور «ليندسي جراهام» في ديسمبر 2015 أن ترامب «لا يمثل حزبي ولا يمثل القيم التي يقاتل من أجلها رجال ونساء الجيش». الغريب الآن أن «جراهام» أصبح واحداً من أكثر المدافعين حماساً عن ترامب. والسيناتور تيد كروز انتقد ترامب في مايو 2016 لكن «كروز» يصر الآن على أن ترامب لم يفعل شيئاً غير قانوني فيما يتعلق بفضيحة أوكرانيا.
أما «مايك مولفاني»، فقد أعلن في نوفمبر 2016 قائلاً «نعم أؤيد دونالد ترامب لكني أفعل هذا رغم اعتقادي بأنه إنسان صعب». ويقوم «مولفاني» الآن بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض بالنيابة. أما «ريك بيري»، فقد قال في يوليو 2015 عن ترامب «إنه سيؤدي بالحزب الجمهوري إلى الهلاك»، لكن «بيري» أصبح وزير الطاقة في إدارة ترامب ثم كُلف بتطبيق سياسة ترامب تجاه أوكرانيا.
أما نيكي هيلي، فقد انتقدت ترانب في فبراير 2016، وقد كانت حاكمة في ذاك الوقت، ثم أصبحت «هالي» سفيرة إدارة ترامب في الأمم المتحدة والآن تقول إن ترامب «صادق» ومن «الرائع العمل معه». وهناك خبراء ونشطاء محافظون تقلبت مواقفهم أيضاً تجاه ترامب. ولنأخذ مثالاً ساطعاً واحداً وهو الناشط اليميني «بريت بوزيل» الذي كتب انتقادات لاذعة ضد ترامب في بداية عام 2016. لكن في كتاب صدر في الآونة الأخيرة بعنوان «بلا قناع: حرب الإعلام الكبيرة ضد ترامب»، وصف «بوزيل» مقابلته مع ترامب قائلاً «ذكاءه واضح بجلاء. ترامب كان أكثر الرجال الذين قابلتهم كاريزمية».
هناك بالطبع عدد قليل من المسؤولين «الجمهوريين» المنتخبين انتقدوا ترامب ومازالوا ينتقدونه وأشهرهم السناتور ميت رومني، لكن الملحوظ أن كثيرين انتقلوا من انتقاد ترامب إلى الدفاع عنه. بعضهم فعل ذلك من باب الطموح والبعض الآخر فعلها من أجل الحفاظ على الذات لأنهم أدركوا مشكلات جوهوية في الحزب «الجمهوري» الذي يسيطر عليه ترامب.
والآن ما يبدو جلياً حين ننظر إلى تعليقات عامي 2015 و2016 هو مدى الصواب الذي كان عليه المنتقدون «الجمهوريون» الذين سيصطفون لاحقاً وراء ترامب. لقد وصفوه بأنه ونرجسي. وحذروا من أن إعجابه الشديد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يفسد السياسة الأميركية الخارجية. ووصفوه بأنه غير جاد. وحين هاجموا ترامب كان يقدمون حجة ضمنية عن أنفسهم يريدون بها أن نعتقد أنهم ليسوا مثله وأنهم إذا تولوا السلطة فإنهم سيمارسونها بنزاهة. لكن ترامب اختبرهم وأعطاهم فرصة لأن يثبتوا صحة قولهم هذا، لكنهم فشلوا في الاختبار.
*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»