انطلاقاً من استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة في الانتقال إلى اقتصاد معرفي يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا، يستند إلى «رؤية الإمارات 2021»، تمكنت الدولة من حجز مكانة متقدمة لها إقليمياً وعالمياً كأسرع أسواق التجارة الإلكترونية نمواً وتطوراً، مدعوماً بنضج المستهلكين والتجار، وحجم ونوعية الابتكارات الرقمية التي وصلت إليها الدولة، وتزايد أعداد المستهلكين المهتمين بالتكنولوجيا، ووجود البيئة الملائمة التي تعزز نمو الشركات الناشئة.. الأمر الذي أوجد التوقعات بشأن وصول حجم التجارة الإلكترونية في الدولة إلى 59 مليار درهم في العام الجاري، وبمتوسط نمو نسبته 23% سنوياً خلال الفترة من 2018 إلى 2022، بحسب تقرير «تجارة الإمارات الإلكترونية»، الصادر عن اقتصادية دبي وفيزا، في يوليو الماضي.
ووفقاً لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، الصادر مؤخراً، احتلت دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والـ28 عالمياً، في مؤشر التجارة الإلكترونية من الشركات إلى المستهلك لعام 2019، حيث يرصد المؤشر سنوياً حركة التجارة الإلكترونية من الشركات إلى المستهلك ومستويات انتشارها في دول العالم كافة، استناداً إلى مجموعة من العوامل والمعايير. وبحسب المؤشر، وصلت نسبة الأفراد الذين يستخدمون شبكة الإنترنت في الدولة إلى إجمالي تعداد السكان في الدولة 98%، بارتفاع 10%، مقارنةً بعام 2017. كما صنّف المؤشر دولة الإمارات في المركز الرابع على قائمة أكثر الاقتصادات الناشئة تطوراً في حركة التجارة الإلكترونية من الشركات إلى المستهلك.
هذه المراكز المتقدمة على صعيد التجارة الإلكترونية تشير إلى أن دولة الإمارات حققت تطوراً لافتاً للنظر في قطاع التجزئة وثقافة مراكز التسوق المزدهرة، إلى جانب الإجراءات المتبعة في الرقابة على المواقع الإلكترونية التي عززت ثقة المستهلكين بالشراء الآمن. كما أثبتت نجاح الإجراءات والسياسات التي تسهّل على رجال الأعمال والراغبين في إنشاء شركات ناشئة إجراء تراخيص لممارسة الأعمال التجارية عبر المواقع الإلكترونية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، عبر تقديم طلبات الترخيص إلى دائرة التنمية الاقتصادية في الإمارة المعنية، وأخذ موافقة من الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم عمل التجارة الإلكترونية والتصديق الرقمي للمعاملات، الأمر الذي يفتح المجال للحصول على تراخيص معتمدة قانونياً، تشمل استخدام علامة المتاجرة الإلكترونية والرقم التسلسلي للترخيص وغيرها.
ويعد انتشار الإنترنت، وتوافر البنية التحتية الرقمية المتقدمة، وزيادة عدد السكان من الشرائح الفتية، الذين يرغبون في تبني الحلول التكنولوجية المتاحة عبر الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، من أهم العوامل الداعمة لنمو التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات، فضلاً عن توجيهات القيادة الرشيدة التي حثّت على تعزيز تنافسية الأعمال في الدولة، بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى توفير الخدمات ذات القيمة المضافة، واعتماد حلول الدفع التي تساعد على تبنّي أحدث اتجاهات التجارة الإلكترونية، ودعم وإنشاء منصات تجار التجزئة الإلكترونية، الأمر الذي حفز وتيرة تبني المدفوعات الرقمية في شتى ميادين الأعمال، وتقليل الاعتماد على المدفوعات النقدية.
إن بلوغ قيمة تجارة التجزئة في دولة الإمارات في عام 2018، بما فيها المبيعات الافتراضية، ما قيمته 202 مليار درهم، مع وتوقعات بارتفاعها إلى 234 مليار درهم بحلول عام 2023، يؤكد نجاح الجهود في تعزيز تجارة التجزئة على الإنترنت ومراكز التسوق المتعددة القنوات، الأمر الذي يوفّر فرصاً هائلة لدفع عجلة النمو وتعزيز الفوائد التي تعود بها المدفوعات الرقمية على المواطنين والمقيمين والشركات في الدولة، نظراً إلى تفضيل المستهلكين لهذه القنوات، بمستوى مساوٍ للأسواق الناضجة، واتساع وتسارع نطاق نظام المدفوعات الرقمية في الدولة، مدعوماً بتنامي جذب عمالقة التجارة الإلكترونية العالمية والمبتكرين إلى دولة الإمارات.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية