أعلنت الزعيمة الانتقالية المحافظة في بوليفيا، جنين آنييس، توليها منصب الرئيس وهي تمسك بالكتاب المقدس في يدها. وكانت هذه اللافتة مستفزة ليس لأن بوليفيا علمانية دستورياً، ولكن لأنها اُعتبرت على نطاق واسع طعنة لتقاليد السكان الأصليين التي دعمها الرئيس المخلوع إيفو موراليس. وفي الأسبوع ذاته، أوضح لويس فيرناندو كاماشو، الحليف البارز لآنييس ورجل الأعمال اليميني، المعنى المضمر للافتة آنييس. فقد صرح في اجتماع حاشد، وفي تلميح ازدرائي لمعتقدات السكان الأصليين التي أحياها موراليس وعمل على تحسين أوضاع الكثير منهم، قائلا: «ربطنا كل شياطين الشعوذة وألقينا بهم في الهاوية».
وهناك توتر سياسي في أميركا الجنوبية حالياً؛ فالقارة في قبضة نوع من الربيع اللاتيني في صورة موجة من الانتفاضات الشعبية التي ملأت شوارع المدن في شيلي وإكوادور وبوليفيا وكولومبيا. والاضطرابات ضغطت على الحكومات وأجبرت زعماء على مغادرة مناصبهم. ورفض المحتجون على امتداد المنطقة التفاوتات الاقتصادية وأعباء التقشف وفساد النخب السياسية في هذه الدول.
لكن في غمرة الاستياء في أميركا الجنوبية هناك أيضاً كراهية قديمة. فالسكان الأصليون يمثلون أغلبيات فقيرة في بعض دول أميركا اللاتينية، ويمثلون أقليات مهمشة في دول أخرى. وفي بوليفيا والبرازيل، جاء رد الفعل على سنوات من حكم اليساريين في صورة احتقار لا تخطئه العين لجماعات السكان الأصليين وما يعتقد أنها امتيازات حصلوا عليها في ظل الحكومات الاشتراكية. لكن في دول مثل الإكوادور وكولومبيا، تصدّر السكان الأصليون الصفوف الأمامية للاحتجاجات معبّرين عن غضبهم من الأنظمة التي قامت على قرون من التمييز. وفي وقت مبكر هذا العام، أجبر احتجاج بقيادة السكان الأصليين رئيس إكوادور على الفرار من العاصمة كيتو. ولم يهدأ المحتجون إلا بعد أن وافقت الحكومة على إعادة دعم الوقود الذي يحتاجه الكثير من المزارعين من السكان الأصليين لنقل منتجاتهم إلى الأسواق.
وأذكت مخاوف السكان الأصليين حماس الاحتجاجات في كولومبيا. وتحول إضراب عام لمدة يوم واحد دعت إليه جماعات يسارية إلى تمرد دائم يمثل أكبر تحدي حتى الآن لحكم الرئيس اليميني ايفان دوك. وصرحت امرأة من السكان الأصليين تدعى بارانو ياناكونا في مقابلة صحفية تقول: «إنهم يقتلون زعماءنا في أراضينا. إنهم يقتلوننا انتقائياً». وهذا الشعور بوضعية الضحية واضح للغاية في البرازيل أيضاً. فمنذ أن صعد خايير بولسونارو إلى السلطة العام الماضي- وهو صاحب سجل طويل في التصريحات المناهضة للسكان الأصليين- قلص الرئيسي اليميني منهجياً إجراءات الحماية البيئية لغابات الأمازون التي تقطنها جماعات السكان الأصليين. ويقول منتقدون إن هذا ساهم في تفاقم مدمر لانحسار الغطاء النباتي بسبب أنشطة قطع الأشجار والتعدين والصيد غير القانونية. ودفع جشع هذه الأنشطة إلى صراع مع الحراس من السكان الأصليين لهذه الغابات الذين تصدوا لعمليات الاستيلاء على الأراضي لكنهم يتعرضون لمخاطر أكبر في ظل إهمال المراقبة في عهد بولسونارو.
وقبل عقدين من الزمن كان بولسونارو أكثر صراحة في التعبير عن وجهة نظره، حيث صرح في مقابلة صحفية عام 1998 أنه «من المشين أن الفرسان البرازيليين لم يكونوا بكفاءة الفرسان الأميركيين الذين قضوا على الهنود الحمر».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»