يقدم الرئيس دونالد ترامب نفسه باعتباره شخصاً يتشكك في قضية تغير المناخ، لكنه ربما لا يعرف ما يعنيه تغير المناخ، كما أشار الصحفي فليب بامب بعد رد ترامب، أثناء زيارة لبريطانيا، على سؤال بشأن تغير المناخ، بالتأكيد على اهتمامه بوجود «مياه نقية للغاية ونظيفة وهواء نظيف». وتحدث ترامب أيضاً عن الشركات والدول التي تلوث المحيطات في مناطق أخرى.
وبعد فحص سجل تصريحات ترامب فيما يتعلق بتغير المناخ، خلص بامب إلى أن الرئيس «ربما لا يفهم الآلية التي يحدث بها تغير المناخ»، إذ دأب على الخلط بين القلق من نشطاء البيئة وبين القلق من انبعاثات الكربون التي تزيد درجة حرارة الكوكب، ناهيكم عن أن إدارته شرعت في العصف بالإجراءات واللوائح الحمائية للبيئة.
وجاءت تصريحات ترامب في اليوم نفسه الذي أكد فيه تقرير جديد أن عام 2019 يمثل عاماً قياسياً في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وبعد تراجع تدريجي، ارتفعت انبعاثات الولايات المتحدة من الكربون المتعلق بالطاقة بنسبة 2.7% العام الماضي، نتيجة تراجع ترامب عن إجراءات حماية البيئة التي اُتبعت في عهد أوباما.
ولا شيء في هذا مثير للدهشة بعد خروج الإدارة من اتفاق باريس للمناخ، حيث وصف بعض النشطاء ترامب والمتشككين الآخرين في تغير المناخ من القوميين اليمينيين مثل الرئيس البرازيلي خايير بولسونارو، باعتبارهم مساهمين في «قتل البيئة». ووبخ أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، اقتصاديات العالم الكبيرة، لأن إجراءاتها «غير ملائمة بالمرة» لتقليص الانبعاثات. وأعلن جوتيريس في الأيام القليلة الماضية أن البشرية تواجه «نقطة اللاعودة»، وهو تحذير تردد في تقرير للأمم المتحدة مؤخراً دعا إلى تحرك قوي من الحكومات.
وفي الوقت نفسه، نبهت منظمات دولية إلى كثرة ضحايا تغير المناخ، فقد توصلت جماعة «أوكسفام» للمساعدات الإنسانية، إلى أن هناك أكثر من 20 مليون شخص نزحوا بسبب حوادث مناخية متطرفة كل عام على مدار العقد الماضي. وتشير التقديرات إلى أن عدد المهاجرين بسبب التغيرات البيئية بحلول عام 2050 قد يتراوح بين 140 مليوناً ومليار شخص.
ويتضح أن تغير المناخ يذكي نماذج أكثر تطرفاً من المناخ التي تؤدي بدورها إلى نزوح سكاني، كما تعرِّض للخطر تجمعات سكانية كثيرة حول العالم. وتوصلت دراسة أجرتها جماعة «أنقذوا الأطفال» إلى أنه في شرق وجنوب أفريقيا ساهمت الفيضانات والانهيارات الأرضية والجفاف والأعاصير في بلوغ الحال مستويات الطوارئ في عدم الأمن الغذائي أو أسوأ من هذا لنحو 33 مليون شخص أو 10% من السكان في عشر دول من المنطقة. وهذه الأرقام تتضمن أكثر من 16 مليون طفل.
وتأمل جماعات البيئة والتنمية في أن تدفع الدول الأكثر ثراءً إلى بناء صندوق يدعم الدول الأفقر التي تتضرر من الكوارث المناخية. لكن في عصر أزمة المناخ، قد تحتاج تجمعات سكانية كثيرة إلى إعادة توطين جماعية. فقد أدى الجفاف والتغيرات في المناخ إلى إذكاء أزمات الهجرة التي امتدت من سوريا إلى أميركا الوسطى. وإدراكاً لهذا، طرح «الديمقراطيون» في مجلس النواب الأميركي تشريعاً يقيم برنامجاً اتحادياً يستوعب 500 ألف من لاجئي المناخ سنوياً في الولايات المتحدة. لن يجري إقرار مشروع القانون في ظل إدارة ترامب التي قلصت استقبال اللاجئين إلى مستويات قياسية، بل سحقت وضع الحماية المؤقت لمواطنين من جزر الباهاما فروا من الدمار الذي سببه الإعصار «دوريان» العام الجاري. ومع الأخذ بالاعتبار موقف الإدارة من المهاجرين وتشككها في تغير المناخ، فربما لا يكون هناك شخص أكثر بؤساً من لاجئ المناخ.

*صحفي متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»