عشت كل حياتي تقريباً في كاليفورنيا، وحبي لهذا المكان والناس المقيمين به عميق وحقيقي. وفي السنوات القليلة الماضية، وصفت نفسي عدة مرات بأنني من مواطني كاليفورنيا: من المؤكد أن أميركا بدت مجنونة، لكنني على الأقل كنت أعيش في الولاية الذهبية، حيث الأشياء لا تزال جميلة. ولكن في الآونة الأخيرة، قل انجذابي لولايتي الأم. ربما بسبب الدخان وانقطاع التيار الكهربائي، لكن شعوراً بالعدمية تجاه كاليفورنيا بدأ يتسلل إلى تفكيري. وبدأت أشك في أننا قد انتهينا. إنها نهاية كاليفورنيا كما نعرفها.
إنها ليست مجرد حرائق – وإن كانت حرائق بالفعل. هل هذه هي الحياة في أكثر ولايات أميركا ازدهاراً وازدحاماً بالسكان؟ كل عام، مئات الآلاف يغادرون، والملايين يفقدون قوتهم، والمئات يفقدون الممتلكات والأرواح؟ في العام الماضي، كان الهواء بالقرب من المكان الذي أعيش فيه في شمال كاليفورنيا –على بعد مسافة قصيرة بالسيارة من بعضٍ من أكبر الشركات وأكثرها قوة في تاريخ العالم –أكثر خطورة من الهواء في بكين ونيودلهي. وهناك فرصة جيدة لأن يتكرر هذا مرة أخرى هذا الشهر، وأنه سيستمر في الحدوث كل عام من الآن فصاعداً. هل هذا هو أفضل ما تستطيع أميركا فعله؟
ربما، لأنه سيزداد سوءاً. فالحرائق وانقطاع التيار الكهربائي لا يشبه الزلازل، التي تعد تهديداً طبيعياً اخترنا جميعاً تجاهله. إنها أشبه بمشاكل كاليفورنيا الأخرى، مثل تحمل تكاليف الإسكان والتشرد والازدحام المروري – وهي كوارث من صنع الإنسان اخترنا جميعاً تجاهلها، وهي مرتبطة بخلل وظيفي أكبر في قلب فساد ولايتنا: الفشل في العيش بشكل مستدام.
والآن تشعر كاليفورنيا، التي تختنق بسبب الدخان الناجم عن التغير المناخي، بأنها عالقة. لقد حصلنا على التصميم الخاطئ، ونراهن على التكنولوجيات الخاطئة، وحصلنا على الحوافز الخاطئة، وتورطنا في ثقافات خاطئة. والفكرة التأسيسية لهذا المكان هي اللا تناهي – مسافات لا نهاية لها من المنازل اللطيفة المتصلة بالطرق السريعة وخطوط الكهرباء غير المعزولة التي تمتد حتى التلال المغطاة بالأشجار. وتعتمد طريقة حياتنا بالكامل على سلسلة من الأساطير –أساطير المساحات الفضاء والوقود والمياه والتفاؤل ومواقف السيارات المجانية والوصول إلى الخارج، وكلها أساطير لا نهاية لها.
وتنفجر هذا الأساطير، الواحدة تلو الأخرى، في لهب مشتعل، حيث تنفد الأرض والمسكن والمياه والمساحات على الطرق والكهرباء. وإصلاح كل هذا يتطلب تغييراً منهجياً، لكننا لا نستطيع القيام بهذه المهمة. ولم نتمكن أبداً من أن نُغلّب الاستدامة والمساواة على الإخفاقات التي يتم إصلاحها سريعاً والجوائز الكبيرة الممنوحة للأغنياء.
ويبدو أن كل غرائزنا تزيد الأمور سوءاً. والحل الفعلي للقدرة على تحمل تكاليف السكن أجبر الناس على الانتقال بعيداً عن المدن، لذا فهم يتنقلون لمسافات أبعد، ويجعلون الحركة المرورية أسوأ ويزيدون عدد السكان في المناطق المعرضة للحرائق. وقد تمكنا من «حل» مشكلة النقل الحضري السيئ من خلال دعوة شركات خاصة مثل «أوبر» و«ليفت» لتولي مسؤولية النقل. وللإبقاء على الحرائق بعيداً، فإننا نستخدم أقدم طرق الغش، حيث نقوم بقطع الكهرباء ثم نعيد توصيلها مرة أخرى. وفي الوقت نفسه، فإن الأغنياء يتدبرون أمورهم: فعندما تأتي الحرائق، يستأجرون رجال الإطفاء.
والحلول طويلة الأجل لمشاكلنا واضحة: لتفادي الحرائق وتكاليف الإسكان ومشاكل أخرى، يجب أن يعيش سكان كاليفورنيا معاً بكثافة أكبر، وأن نعتمد بشكل أقل على السيارات. ويجب أن تكون لدينا رؤية شاملة في طريقة تصميمنا للبنية التحتية -النقل وشبكة الكهرباء والمخزون من الوحدات الإسكانية – بهف التصميم للكثير من السكان بدلا من القلة الأثرياء.
يجب أن يكون السكن في متناول الجميع لأنه سيكون هناك المزيد منه، وستكون قادراً على التنقل بتكلفة أقل لأننا سنتخلى عن السيارات ونتحول إلى الحافلات والقطارات وغيرها من الوسائل التي تنقل الناس بسرعات فائقة وتكاليف أقل. إنه لن يكون نهاية حلم كاليفورنيا، ولكن إعادة تكوين الفكرة في الذهن، نوع جديد من الحياة الصالحة للعيش بسهولة أكثر للجميع.
فرهاد مانجو
كاتب وصحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»