«عام الاستعداد للخمسين» في دولة الإمارات، هو الانطلاقة الكبرى نحو وضع أكبر استراتيجية عمل وطنية تتضمن كافة المجالات، والاحتفال باليوبيل الذهبي للدولة، كما يعتبر تتويجاً سامياً لمسيرتها، وإشعاراً بعزم النوايا على الاستمرار في بناء الإنسان وري جذور المعرفة فيه، التي تلغي كافة المعوقات، وتتخطى الفروقات أو الاختلافات، معلنةً أنها درة تحمل ثروة، وداعية لمشاركة المقيم والمواطن على حد سواء في بناء نموذج تنموي وحضاري لإمارات المستقبل، وصناعة الغد، إيماناً منها برسالتها العابرة للقارات. ووفاءً لرسالة الخمسين التي بناها الآباء والأجداد، يبني اليوم الأبناء القادة سلم الخمسين القادمة.
عام 2020 هو عام حشد الجهود، وتعبئة الموارد المادية والفكرية والإبداعية، واستنفار القوات ومصادر التميز والتفرد، وتعزيز الشراكة المجتمعية، تثبيتاً لأسس الانطلاق لمرحلة فارقة في المسيرة النهضوية الإماراتية. وهكذا يخط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رؤيته الطموحة. وإن دولة الإمارات العربية المتحدة تتقدم في إنجازاتها المجتهدة، مواجهةً ما يقف بوجه المجتمعات الصغيرة والكبيرة منها، من المشاكل والتحديات، مبلورة خططها ومتوجهة بخطاها نحو نقاش وطرح حذافيرها، وأياً كانت تلك العقبات فهي لا تخرج عن كونها مشكلةً نابعةً من رحم السياسة، أو الاقتصاد، أو القضايا الاجتماعية، أو الثقافية أو البيئية. ومن ذلك فقد امتازت النهضة الإماراتية منذ خطاها الأولى، بالتركيز والإصرار على أن بناء الإنسان هو اللبنة الأساسية في طريق النهضة، مبلورة ذلك من خلال العمل على التنمية في مجال الاقتصاد المعرفي بركائزه الأساسية من الدفع بالابتكار، والتشجيع على مواكبته من خلال تقديم فرص وافرة في البحث والتطوير.
إضافةً لتوفير البنية التحتية الكافية لتوفير تقنيات المعلومات والاتصالات، مما يعين على إيجاد قاعدة بيانات يعتد بها، وبحيث يتم استثمارها بموائمتها والاحتياجات المحلية. وعلى صعيد الحوكمة، فقد استحدثت دولة الإمارات العربية المتحدة عدة برامج قوية، استطاعت من خلالها توفير كافة الأطر القانونية، والسياسية الهادفة لزيادة الإنتاجية والنمو. إضافةً لما شهده قطاع التعليم من قفزات متفوقة، محترمةً مكانته كعامل مهم وأساسي في تقدم الدول.
إن العناية بكثب لمجالات الاقتصاد المعرفي، هي «السبيل الذكي»، الذي ينتهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في جذب موازين التحديات إلى حيز الفرص المبتكرة. والتغلب على كافة المعوقات التي يعتبر «بناء الإنسان»، أولاها وأولها وأهمها. فآليات المعالجة تنبع من مصادر المعوقات ذاتها، وبذلك يكمن تحويل الطاقات، واستثمار القدرات من وإلى الإنسان. فتركيز الإمارات على هذا النوع من الاقتصاد، وجعل الإنسان هو رأسمال الدولة يعد تجسيداً واضحاً لحلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإيلائه مكانة رفيعة للقوى البشرية قبل أي شيء آخر، معتبراً على الدوام أن الثروات النفطية ما هي إلا وسيلة لخدمة الإنسان والرقي به، ولا يمكن نسيان أفكاره الخيرة حين قال: «إن الإنسان هو أساس أية عملية حضارية.. اهتمامنا بالإنسان ضروري لأنه محور كل تقدم حقيقي مستمر مهما أقمنا من مباني ومنشآت ومدارس ومستشفيات..ومهما مددنا من جسور وأقمنا من زينات، فإن ذلك كله يظل كياناً مادياً لا روح فيه.. وغير قادر على الاستمرار إن روح كل ذلك الإنسان. الإنسان القادر بفكره القادر بفنه وإمكانياته على صيانة كل هذه المنشآت والتقدم بها والنمو معها».
*أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة