أقدر حالة الاستنفار التي عمت أرجاء الإمارات، وأثمن غضبة إخواني وأبنائي على صفحات «السوشال ميديا» نصرةً لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتعرض لحملة ممنهجة تقودها مؤسسات وجهات هي مكشوفة ومفضوحة للجميع. أعرف جيداً أن هدف أبناء الإمارات من غضبتهم تلك نبيل، وهو رد الجميل لقدوة تُعطي الوطن والمواطنين الكثير لينعموا بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء. ولا شك أن سموه يستحق منا جميعاً ما هو أكثر من كلمة شكر عرفاناً بما قدّم ويقدم. لكن اسمحوا لي أن أختلف معكم في طرائق الرد على تلك الحملة، ومن دون أن يفسد اختلافي معكم للود قضية.
معروف لدى الجميع أن الناجحين هم الذين يُهاجمون، وبالتالي فإن تعرض سموه لحملات الأكاذيب والشائعات أمر طبيعي ومتوقع في وقتنا هذا، ومن قِبل أناس لا يبلغون قامته، لذلك تأتي الهجمات رخيصة ولن تتوقف، وعليه فإنني أدعوا أبنائي وبناتي للتحلي بالحكمة، فما تقوم به خفافيش الظلام من أفعال مُستنكرة لن تقضّ لنا مضجعاً، خاصة أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد ارتضى بكشف زيف جماعات العنف والإرهاب مهما حصل، وهو يعمل بدأب لتصحيح ما استطاع من مفاهيم خاطئة وفي مقدمتها ما ارتبط بصورة الإسلام، وذلك لإزالة ما علق بتلك الصورة من مغالطات تسبّب بها كل من استخدم الدين لحماية مصالحه. ولأننا نعرف أن سموه حظي بمحبة الشعب الإماراتي الذي يتفاعل معه ويبارك خطواته ومنهجه في مواكبة العصر، فإن كل فرد في هذا الشعب يدرك أن الشيخ محمد بن زايد يسابق الزمن لتحافظ الإمارات على الموقع الذي حققته حتى يومنا هذا، وهي التي نالت احترام وتقدير دول ومؤسسات وشخصيات رأت في دولتنا نموذجاً يحتذى في بناء الإنسان وتحقيق رفاهه وتوفير البيئة الملائمة لإبداعه وتفوقه.
والقاصي والداني يعلم أن الإمارات بما حققته ومستمرة في تحقيقه، إنما هي نموذج للدولة التي تؤمن بأن التخطيط السليم والتنفيذ الدقيق للخطط الاستراتيجية - سواء كانت طويلة أو قصيرة الأمد – يعملان على رفعتها وتقدمها وتثبيت أركانها، وخاصة إذا توازى كل ذلك مع ترسيخ قيم مهمة ونبيلة كالعطاء والتسامح.
إن معرفتي بشخص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد تؤكد يقيني بأنه لا يعرف للكراهية معنى، ولا يمسك يده عن الخير، وبأنه مشغول ببناء بلده، ولا يتوانى عن خدمتها إلى جانب إخوانه أصحاب السمو المؤمنين بأن الصالح العام للإمارات هو الأهم بالنسبة إليهم، ولذلك هم لا يلتفتون إلى توافه الأمور، ولا تحركهم الدسائس، ولا يحاربون طواحين الهواء، ولا يهدرون جهودهم وطاقاتهم في غير موضعها، إنما يترفعون دائماً عن الصغائر. في المقابل تستعر حرب الشائعات الرخيصة التي - بالطبع - لن تطال من كل صاحب قيمة، وكل ذي قامة. وبالتالي، مهما دُفع ويُدفع من أموال، ومهما تمّ تكريسه من مرتزقة لتشويه قيادتنا فإن أحداً لن يستطيع تغيير ما آمنا به وما نشأنا عليه، لأننا كإماراتيين ندرك أن أحداً لن يستطيع النيل منا. وفي المقابل علينا أن نعترف بفضل هذه الحملة ضد أحد رموزنا، والتي يقودها الجهولون حتماً. فقد فتحت تلك الحملة المجال للتأكيد على مشاعرنا الصادقة نحن أبناء الإمارات تجاه أحد أبرز قادتنا، والتي تثبت مدى احترامنا وتقديرينا ومحبتنا لتلك الشخصية التي نفخر بها كإماراتيين نعيش على إرث زايد ورؤية قيادتنا المستقبلية، كما تزيدنا يقيناً بأن محمد بن زايد ماضٍ في دربه، وناجح في مسعاه، ومن هنا.. فإن من يحاربونه ليسوا إلا مرضى في عقولهم وقلوبهم، وأمراضهم تلك لا تشفى لأن أساسها الحقد والكراهية والنكران.
في التاريخ دروس كثيرة وحكم خالدة. فكم هي الشخصيات المهمة التي تمّت محاربتها من قبل أصحاب النفوس الضعيفة، أولئك الذين يجهلون أنّ حتى للحرب قواعدها وأصولها وأخلاقها، ومن أهم قواعدها المواجهة بالمنطق القائم على إبراز الحجة والدليل وليس على إلقاء التّهم، والتحلي بالنّبل وبرقي الأخلاق ورفعة الكلام وليس بالشتائم والسباب التي لا طائل منها، والإفصاح عن الهوية لا التخفي في هيئة مرتزق مجهول وجاهل.
إن لنا في نبيّنا وفي شخصيات الأنبياء والصالحين جميعهم أسوة حسنة، ولن نتفوّه إلا بجميل الكلام وحكيمه حتى في الرد على أعدائنا، ففي النهاية كل إناء بما فيه ينضح، ونحن لا نعرف إلا الخير، ولنا سمعة حسنة بين الشعوب، ولن تكّدر خواطرنا كل الحملات التي تسبطن الشر لنا ولبلدنا ولقادتنا أو تظهره. إن قيمنا التي نشأنا عليها أكبر من كل صغير ووضيع، ولن ننحدر إلى ما ذهبوا إليه، وإلى الهوة التي أسقطوا أنفسهم فيها، ولن ننجرّ إلى الوحل الذي لوثوا أرواحهم به، ولن نعيرهم الانتباه أو الاهتمام الذي لا يستحقوه. ولعل أجدى ما يمكن قوله من مقالٍ في هذا المقال: لن يستطيع أحد رجم شجرة مثمرة، ولن يتمكن الصغار من تلويث سمعة الكبار، ولن يتمكنوا من تحريضنا على من هم فرع خيّر من أصل نبيل، وسيخيب أملهم فيما يرجوه حتماً، لأن الحقيقة مُدركة، والشمس لا يمكن تغطيتها بغربال أو حجب نورها عن الكون، وكما قال الجاحظ: لن يضرّ السحائب نبح الكلاب. وقد يكون ما قال أمير الشعراء أحمد شوقي هو الأقرب لوصف الحال: وَإِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا.
إن الشجاع هو الجبان عن الأذى وأرى الجريء على الشرور جبانا.