«لقد أسهم الآباء في بناء هذا الوطن وواجبنا أن نبني للأجيال القادمة وأن نواصل مسيرة الأسلاف»، تلك هي مقولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – القائد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة. هذه المقولة وضعت نهج التنمية الذي مضت عليه قدماً قيادة الدولة الرشيدة منذ تأسيسها، لكي تحقق تطلعات المواطنين في الحاضر والمستقبل. والأمر اللافت للنظر هو الرؤية الاستراتيجية للحكومة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي وضعت في زمن قياسي استراتيجيات علمية تخدم الجيل الحالي وأجيال المستقبل من المواطنين في وقت واحد. ومن أبرز نماذج تلك الاستراتيجيات، الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والابتكار والأمن الغذائي والفضاء وجودة الحياة وتمكين المرأة والأمن السيبراني والتعاملات الرقمية والطاقة والأمن المائي والتعليم والقوة الناعمة والقراءة والتوعية والتثقيف البيئي والمساعدات الخارجية واستشراف المستقبل بجانب الاستراتيجية الوطنية للشباب والتشغيل. أضف إلى ذلك العديد من السياسات والبرامج الوطنية ومثال ذلك سياسات كبار المواطنين والأسرة وأصحاب الهمم، والأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 والبرنامج الوطني للتسامح.
ولكن لم تشأ قيادة دولة الإمارات أن ينتهي العام 2019 دون وضع بصمة تدوم نصف قرن قادم، وذلك بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بأن العام 2020 سيكون عام الاستعداد لـ «استراتيجية الخمسين عاماً» المقبلة. وقد لخص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أهداف الخمسين عاماً القادمة بقوله: «نعلن اليوم العام القادم عام الاستعداد للخمسين.. نريد تطوير خططنا.. مشاريعنا.. تفكيرنا.. قبل خمسين عاماً صمم فريق الآباء المؤسسين حياتنا اليوم.. ونريد العام القادم تصميم الخمسين عاماً القادمة».
وتتميز تلك الاستراتيجية بأن إعدادها وتنفيذها يتم بمشاركة كافة فئات الطيف المجتمعي الإماراتي من مواطنين ومقيمين وقطاع عام وخاص وأهلي، سيقومون جميعاً بصياغة خطط الحياة في الإمارات للنصف قرن المقبل. وتشمل تلك الخطط جميع جوانب التنمية ومن أبرزها: تطوير منظومة العمل الحكومي ووضع الخارطة الاقتصادية الجديدة للدولة، إلى جانب ترسيخ القوة الناعمة والعمل على تطوير المنظومة الإعلامية، ونقل قصة الإمارات الجديدة للعالم، بالإضافة إلى إعادة النظر في منظومة التنسيق الاتحادي والمحلي، ووضع آليات جديدة وأنظمة مختلفة لتحقيق التكامل في كافة القطاعات. كما ستركز خطط الاستراتيجية على تطوير كافة القطاعات الأساسية في الدولة وتجهيزها للمستقبل ومن أبرزها الصحة والتعليم والإسكان والنقل والأمن الغذائي وغيرها من القطاعات الحيوية، إضافة إلى وضع تصور متكامل للمجتمع الإماراتي خلال الخمسين عاماً المقبلة من النواحي الديموغرافية والأسرية وهويته الثقافية. أضف إلى ذلك أن العام 2020 سوف يشهد الاستعداد للاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات في العام 2021، تحقيقاً لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن «دولة الإمارات مقبلة على مرحلة مهمة في تاريخها الحديث، وهي تستعد لبلوغ يوبيلها الذهبي، يملؤها الأمل والطموح، لوضع بصمتها الحضارية الخاصة في مسيرة التاريخ الإنساني».
تلك هي دولة الإمارات العربية المتحدة خلال النصف قرن الماضي وما تخطط له قيادتها الرشيدة للخمسين عاماً المقبلة تأكيداً لمقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بأن «الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا البلد قبل النفط وبعده، كما أن مصلحة الوطن هي الهدف الذي نعمل من أجله ليل نهار».
*باحث إماراتي