على الرغم من أن العلاقات بين الهند والولايات المتحدة ازدادت تقارباً، على خلفية المخاوف المتبادلة، إلا أنها ليست علاقة من دون منغصات أو قضايا تسعى الدولتان إلى مواصلة المناقشات حولها، في الأسبوع الماضي التقى وزير الدفاع «راج ناث سينج»، ووزير الخارجية «د. جائي شانكار»، مع نظيريهما الأميركيين «مارك إسبر» و«مايك بومبيو»، في واشنطن، لإجراء الاجتماع السنوي الثاني لحوار 2+2 الوزاري.
يعد حوار 2+2 الوزاري حدثاً مهماً بين الدولتين، فهو الآلية المؤسسية الأعلى مستوى بين البلدين، حيث يناقش الجانبان كل شيء من الأمن والدفاع إلى الشراكة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة، كان هذا هو الاجتماع الثاني لحوار 2+2 بين البلدين، حيث عقد الاجتماع الأول في نيودلهي في عام 2018.
وخلال الحوار، ناقش الجانبان العلاقات المتنامية بين الهند والولايات المتحدة، وتحدثا عن التزامهما بإقامة منطقة حرة ومفتوحة وشاملة وسلمية ومزدهرة في منطقة الهند والمحيط الهادئ، في رسالة موجهة بوضوح إلى الصين.
واتفقا أيضاً، على تكثيف التنسيق بينهما وبين الدول التي لها تفكير مماثل مثل اليابان، من أجل إقامة منطقة سلمية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتزم الجانبان بمواصلة تعميق التعاون العسكري، بما في ذلك التعاون بين القوات البحرية في البلدين، واتفق البلدان على تعزيز التعاون الثنائي وزيادة التجارة في مجال الدفاع، وهو جانب آخر مهم في علاقتهما.
بدأت الهند تزداد قرباً من الولايات المتحدة، خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب انزعاجها من الوجود الصيني المتزايد في المنطقة المجاورة لها، التي تضم غواصات ترسو في كولومبو للمشاركة في مشاريع البنية التحتية الضخمة من باكستان إلى سريلانكا، بالنسبة للولايات المتحدة، تعد الهند سوقاً متنامية، لذلك تحرص الشركات الأميركية على الاستفادة من الفرص المتنامية، في واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
ومع ذلك، ظهرت خلافات أثناء زيارة وزير الخارجية الهندي وحواره مع نظيره الأميركي. وإحدى القضايا التي ما زالت تمثل أهمية بالنسبة للهند، هي تدفق الأشخاص من الهند، وسط تحركات الولايات المتحدة لتقييد عدد الأجانب القادمين إليها، من أجل البحث عن فرص عمل. وتحدث وزير الخارجية الهندي، عن أن الولايات المتحدة لا يجب أن تعيق تدفق المواهب من الهند، باعتبارها جزءاً مهماً من التعاون الاقتصادي، وتعمل كجسر استراتيجي بين البلدين. وجاء تصريحه، في إطار تشديد قواعد تأشيرات (إتش 1 بي) (H-1B)، التي تستخدمها شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية لإرسال المتخصصين بها للعمل في الولايات المتحدة، هذه الفئة من التأشيرات هي في الأساس تأشيرة لغير المهاجرين، والتي تسمح للشركات الأميركية بتوظيف عمال أجانب في مهن متخصصة، وتقوم شركات التكنولوجيا في أميركا بتوظيف مئات الآلاف من الهنود، وغيرهم من المواطنين للعمل في هذه الوظائف.
ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، لم تكن الهند مستعدة لقبول أي انتقادات لسياساتها الداخلية، وكانت هناك انتقادات من العديد من الأقسام في الدول الغربية، لا سيما في الولايات المتحدة بشأن قرار الحكومة الهندية بفرض قيود صارمة في كشمير، وأيضاً إدخال «قانون تعديل المواطنة» لمنح الجنسية الهندية للمواطنين غير المسلمين من باكستان وأفغانستان وبنجلاديش.
وبالمثل، كانت العقوبات الأميركية ضد روسيا تحدياً لنيودلهي، التي تربطها علاقات دفاع وثيقة بموسكو، وهناك مجال آخر للخلافات يتمثل في علاقة الهند بإيران وروسيا، فقد كانت الولايات المتحدة تضغط بشدة على الهند لتقليص العلاقات مع هذين البلدين، غير أن الهند في سبيلها للحصول على أنظمة صاروخية للدفاع الجوي من طراز «إس-40 تريومف S-400 Triumf من روسيا، وتسعى للحصول على موافقة من الولايات المتحدة لإتمام الصفقة.
ومن ناحية أخرى، برزت التجارة باعتبارها مصدر إزعاج، مع سعي الرئيس ترامب لخفض الرسوم الأميركية على الصادرات الأميركية، يذكر أن الهند لديها فائض تجاري قدره 31 مليار دولار مع الولايات المتحدة، وكان الرئيس ترامب قد انتقد بشدة الرسوم التي تفرضها نيودلهي، والتي يرى أنها مرتفعة، كما أطلق على الهند اسم «ملك التعريفات الجمركية»، وبينما يجري الجانبان محادثات لإبرام صفقة تجارية، لا يوجد أدنى شك في أن ترامب في أي وقت يمكنه تصعيد الخلاف التجاري مع الهند، وقد أوضح الرئيس الأميركي أن تخفيض العجز التجاري مع بلدان مثل الهند، ما زال يمثل أولوية قصوى.
ولكن على الرغم من هذه المنغصات، فإن العلاقة بين الهند والولايات المتحدة لا تزال علاقة مهمة، بالنسبة للهند، يأتي تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة على رأس أولويات السياسة الخارجية، ومن ناحية أخرى، فإن البلدين لديهما العديد من مجالات التقارب، وهناك اتصال مستمر على مستوى رفيع بين الهند والولايات المتحدة.

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي