يزعم نائب الرئيس الأميركي السابق «جو بايدن» أن الاعتداء الذي استمر قرابة العام على سجله لم يكن ناجحاً تماماً، مما يدل على أنه قادر على تلقي الضربات والاستمرار في القتال. أما العمدة السابق لساوث بيند (انديانا)، «بيت بوتيجيج»، فقد امتص الضربات الموجهة لممارساته في جمع التبرعات، وسجله فيما يتعلق بالعِرق وخبرته. وبالنسبة للسيناتورة اليزابيث وارين (ديمقراطية –ماساتشوسيتس)، فقد أظهرت ضعفها فيما يتعلق باقتراح توفير الرعاية الطبية للجميع. ومع اندفاعها لتقديم خطة تمويلها بعيدة المنال، تراجعت بعد ذلك عن طريق اقتراح خطة تنفيذ بطيئة. أما السيناتورة «آمي كلوبوشار» (ديمقراطية مينيسوتا)، فقاست وضعاً عصيباً بسبب أسلوبها الإداري.
إلا أن «جاذبية» السيناتور الغاضب بيرني ساندرز (مستقل –فيرمونت) لم تكن موضع نقاش. فمتى سيخضع للتدقيق الذي نتوقعه للمرشحين من الدرجة الأولى؟ إن ساندرز يقاتل الآن، حيث اتهم بايدن بالضعف لأنه صوّت لصالح الاتفاقية الأصلية للتجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا). لكن هل ساندرز حقاً في وضع يسمح له بانتقاد القابلية للانتخاب؟ إن هذا الاشتراكي يمثل هدفاً سهلاً للرئيس ترامب.
يفترض ساندرز أنه بطريقة ما سيشعل الحماس لدرجة تمكنه من هزيمة ترامب. لكن لا دليل على هذه الفكرة، بل هو يخاطر بفقدان أصوات المستقلين والجمهوريين المعتدلين الذين قد يختارون البقاء في منازلهم بدلا من التصويت لمرشح اشتراكي على حساب ترامب.
وبطريقة أو بأخرى، فساندرز لا يأخذ بقدر ما يعطي. تخيلوا لو أصيبت هيلاري كلينتون بأزمة قلبية، ووعدت بالإفراج عن جميع سجلاتها الطبية، وبعد ذلك أفرجت فقط عن خطابات طبيبها؟ كانت ستتعرض للهجوم لأسابيع. هذا ما فعله ساندرز، لكنه لم يتعرض للضغط من خصومه ولا من وسائل الإعلام للإفصاح الكامل عن سجلاته الصحية.
لقد اضطرت وارين لتقديم خطة تمويل لبرنامج الرعاية الصحية للجميع. وصرح ساندرز بأنه ليس مضطراً لذلك، وقال: «ليس لدي رقم محدد لحجم التكلفة، لأنه رقم ضخم وبالغ التعقيد». وهذه إجابة غير مقبولة، إذ أن الإعلان بأنه سيجلب لنا برنامج الرعاية الطبية للجميع دون تحديد كم ستبلغ تكلفته والمعاناة مع عدم مقبوليته السياسية، لا يختلف كثيراً عما كان يقوله ترامب عام 2016 من أن لديه خطة سحرية للرعاية الطبية سيكشف عنها بعد انتخابه.
يبدو أن ساندرز يعترف بأن خطته للرعاية الصحية ليست مكلفة للغاية لدرجة أن الناس سيسخرون منها ويتهمونه بخداعهم. هذا ليس عذراً مقبولا لرفض الصراحة حيال الناخبين، إنه تأكيد على شعور بأنه معفي من تحري الصراحة والشفافية التي يطلبها من المرشحين الآخرين.
وباختصار، إذا كان ساندرز قابلاً للبقاء كما يدّعي مؤيدوه، وكما تشير المبالغ الإجمالية التي جمعها، فعليه أن يخضع لنفس التدقيق الذي يخضع له كبار المتنافسين. وهذا يعني الكشف بصراحة عن سجلاته الصحية. وتوضيح خطط تمويله، وشرح ما إذا كان سيترشح لولاية ثانية.
وإذا كانت وارين لديها أمل في التعافي من الأرقام المتدنية التي نالتها في استطلاعات الرأي، فقد ترغب في الضغط على ساندرز في المناظرة القادمة. وقد يرغب المعتدلون الذين يدركون كارثة ترشيح متنافس أعلن نفسه اشتراكياً في الضغط عليه لتفسير السبب في كونه لن يكون المكافئ الأميركي لجيرمي كوربين، الذي دمّر «حزب العمال» البريطاني. وما لم ترغب وسائل الإعلام في تكرار خطأ 2016 فيما يتعلق بالفشل في التدقيق في مرشح غير محتمل، فربما ترغب في البدء، وإن كان ذلك متأخراً، في بذل العناية الواجبة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»