«الوحيدون الذين أقاموا حداداً على فقدان قاسم سليماني هم قيادتنا الديمقراطية ومرشحو الرئاسة الديمقراطية»، هكذا وصفت «نيكي هيلي»، المندوبة السابقة للولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، موقف الحزب «الديمقراطي» من الضربة الأميركية، وهذا ينُمُ عن انقسامٍ تعاني منه السياسة الأميركية، في وقت يتحتم الاتفاق بين الحزبين، وليس الانهماك في ردود فعل سلبية أو مضللة من «الديموقراطيين».
لقد هاجم الحزب «الديمقراطي» وأعلامه هذه الضربة، التي وافق عليها الرئيس دونالد ترامب لمنع المزيد من الهجمات على الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين – وليس لشن حرب في المنطقة – بعد مشاورات مع وزارة الدفاع الأميركية، ولإحراج الرئيس ترامب وإثبات أن القرار الذي اتخذه سيئ، بدأ الحزب «الديمقراطي» يدافع عن سليماني، ويصفه بـ «بطل الحرب الوطني» كما جاء في «نيويورك تايمز»، كذلك حاولت رئيسة حملة عزل ترامب «الديمقراطية»، نانسي بيلوسي، التقليل من شأن المظاهرات الحالية في إيران، في مقابلة لها على محطة «أيه. بي. سي» الأميركية، مما جعل ناشطون إيرانيون على وسائل التواصل الاجتماعي ينشرون صوراً ساخرة مركبة لها، وهي ترتدي الشادور الإيراني حاملة صورة المرشد الأعلى.
وفي الوقت الذي يتطلب التهدئة، ذهب الحزب «الديمقراطي» بالتصعيد لمصلحته وتكملة حربه لعزل الرئيس ترامب، فصارت وسائل الإعلام الأميركية الرئيسية، المسيطر عليها من قبل «الديموقراطيين»، تضخم من ردات فعل النظام الإيراني، وأنها ستؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة، غير آبهين بتداعيات هذه التصريحات غير المسؤولة على أمن وسمعة المنطقة.
كل هذه الأحداث تجعلنا نحلل هل موقف الحزب «الديمقراطي» هذا بسبب كرهه للرئيس ترامب أو أنها بسبب عقيدة هذا الحزب التي تتمثل بدعمه للإسلام السياسي؟ فلو كان هذا الموقف بسبب كره الحزب لترامب فالمصيبة عظيمة، أما لو كانت بسبب عقيدة الحزب فالمصيبة أعظم؟ فاتخاذ مواقف عناد بسبب كراهية رئيس، والحلم المستمر بعزله على حساب أمن المنطقة وحتى أمن أميركا نفسها، يجعلنا أمام خطر بأن حزباً في دولة عظمى، غير مسؤول، ويقدم مصلحته الحزبية على مصالح أمن الجميع.
أما إذا كنا أمام عقيدة حزب داعمة لدعاة الإسلام السياسي – التهديد الأول للأمن القومي لدول المنطقة – فلنا وقفة كبيرة، لقد ذكر أحمد الفراج، كاتب وأكاديمي سعودي، في مقاله على موقع سكاي نيوز عربية، «أن الحزب الديمقراطي الأميركي انحرف بعد رئاسة الرئيس السابق باراك أوباما إلى أقصى اليسار، بدعمه لتنظيمات الإسلام السياسي بحكم أنها تمثل الإسلام المعتدل، هذه الرؤية مدفوعة بنظرية الكاتب الشهير، فريد زكريا، الذي يرى أن الإرهاب في هذا العالم هو نتيجة طبيعية للاستبداد المدعوم غربياً، والحل في نظره هو في نشر الديمقراطية وتمكين أحزاب الإسلام السياسي في المنطقة، التي ستأتي بحكومات منتخبة شعبياً، وبالتالي سيختفي الإرهاب الموجّه للغرب أصلاً»، وقد شاهدنا تطبيق هذه النظرية الفاشلة وتداعياتها الكارثية بما سمي بالربيع العربي، لذلك صرح مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، «يتعين علينا تنظيف فوضى إدارة أوباما».
كما أشار الإعلامي اللبناني، بيير غانم، في مقاله، «احذروا الحزب الديمقراطي»، أن الطامة الحقيقية لدى الحزب «الديمقراطي» أنه يريد استقراراً ثمنه أن نتعايش مع من يقتلنا، ويريد دولاً ذات سيادة أن تتشارك في زعامة المنطقة مع ميليشيات.
إن وقوف دول المنطقة عاجزة عن وضع استراتيجيات استباقية إعلامياً وسياسياً، سيفاقم من الوضع، فقد أثبتت لنا الأحداث أن سياسة ردات الفعل ليست ناجحة، وقد شاهدنا ما حدث في عهد أوباما من فوضى ودمار، لا بد التوضيح للعالم من الآن، بغض النظر عن نتائج انتخابات 2020، خطر رؤية هذا الحزب الشاذة على الأمن القومي للمنطقة وللعالم.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي