أنشأت الصين عام 2017 أول مختبر حيوي، بغرض دراسة مسببات الأمراض الأكثر خطورة «الفيروسية و غير الفيروسية»، على بعد 32 كم من بؤرة تفشي فيروس كورونا في سوق «هوانان» للمأكولات البحرية، فلا غرابة من تلميح بعض العلماء إلى تداعيات المختبرات الفيروسية في الصين وغيرها من الدول، ودورها المحتمل في تفشي فيروسات جديدة تخرج عن السيطرة قبل اكتمال كافة التجارب الخاصة بها، ويذكر أن فيروس الصين الغامض تحيط به المخاوف وبدرجة خطورته، على الرغم من معدل الوفيات المنخفض مقارنةً بفيروسات أخرى ضربت العالم سابقاً.
ومن جهة أخرى، زرع العلماء في معهد «بيتر دوهيرتي» للعدوى والمناعة في ملبورن فيروس كورونا، الذي نشأ في مدينة «ووهان» باستخدام عينة مأخوذة من أحد المصابين بالمرض، ووصفوا نجاح هذه العملية بأنه «نقطة تحول»، وهو ما يجعلنا نتساءل إلى أي مدى سيستطيع الإنسان السيطرة على بيئة المختبرات البيولوجية، ومنع تسلل الفيروسات القاتلة منها نظراً للسرعة الكبيرة لتواتر ظهور الفيروسات في العقود الأخيرة، وخاصة أن تلك الفيروسات تنتقل من الحيوان إلى الإنسان في تحور مهّد لظهور أمراض جديدة لم يعرفها أسلافنا من البشر؟
ويعتقد الخبراء أن أكثر من 38000 ألف شخص قد أصيبوا بالمرض في 30 دولة حول العالم، وقد توفي منهم أكثر من 800 شخص، وشفي من المرض ما يقارب 3000، مع العلم بأنه من غير المستبعد أن يصيب الفيروس نفس الشخص مرة أخرى، وتبلغ سرعة انتشار الفيروس ثلاثة أضعاف فيروس سارس، حيث بلغ عدد الإصابات في خلال ساعة واحدة أكثر من 100 شخص، وهي إحصائيات تثير الرعب وتدعو العالم إلى التعاون مع الصين في مواجهة الجائحة قبل تحولها إلى وباء عالمي.
فهل سيؤدي الوباء المتفشّي بسرعة إلى فرض قيود على السفر والإجلاء على مستوى العالم بصورة واسعة، على الرغم من أن معظم الوفيات في الصين؟! وتواجه الصين عزلةً متزايدةً مع فرض دول أخرى قيوداً على السفر وتعليق شركات الطيران لرحلاتها الجوية، وإجلاء الحكومات لمواطنيها مع تعزيز الرقابة على الحدود بالقدر الكافي، بينما في دول مثل سنغافورة وأستراليا والولايات المتحدة، هنالك إجراءات حتى لمنع الرعايا الأجانب الذين زاروا الصين مؤخراً من دخول أراضيهم، كما وفرضت روسيا قيوداً على تأشيرات الدخول، بالإضافة إلى الحجر الصحي في تلك الدول للقادمين من الصين، بغض النظر عن إصابتهم بالفيروس أو عدمها، وذلك لطبيعة الفيروس المتحولة، حيث لا تظهر أعراضه في بعض الأحيان إلّا بعد أسبوعين، وبالرغم من ذلك فقد تنتقل العدوى.
وقد خضعت مقاطعة «هوبي» معقل الفيروس للحجر الصحي التحتي، ولا يسمح إلا لشخص واحد من كل أسرة بمغادرة المنزل لمدة ساعتين كل ثلاثة أيام للحصول على احتياجات الأسرة الأساسية، حيث أغلقت الطرق ووسائل النقل العام، ولكن المقاطعة ليست مغلقة تماماً، حيث غادرها الأشخاص سيراً على الأقدام فوق جسر يمتد عبر نهر «اليانغتسي»، ويدخلون مدينة «جيوجيانغ» في مقاطعة «جيانغشي».
كما تشير بعض التقارير المستقلة إلى أن العالم لن يتمكن من الوصول للقاح، قبل فترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، كما ويشككون في العدد الرسمي للوفيات، ويقول العلماء إنه لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها حول الفيروس الجديد، ومن جانب آخر، والمثير للاهتمام هنا أن الفيروس الجديد من الممكن أن ينتقل حتى خلال فترة الحضانة، مما يعني أنه قد ينتشر إلى فئات عمرية مختلفة، وأن هناك اتجاهات لدورة وبائية وهو لا يزال ينمو، وإنْ لم تظهر بعد أية علامات على تحول الفيروس، وتفشّي المرض لم يصل إلى الذروة بعد.
وفي الواقع، فإن هناك فيروسات أخرى منتشرة في العالم تسببت في موت الآلاف من الأشخاص سنوياً، وفي دول متقدمة مثل أميركا، ولكن البشر يخافون من المجهول، ولمواجهة خطر الأوبئة العابرة للحدود من أماكن معينة لا بدّ من إجراءات احترازية استباقية، من حيث تحرّك البشر والمواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية بين الدول، ودور مراقبة مراكز مكافحة الأمراض والأوبئة والبحث العلمي في هذا الإطار، ودور الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ومن الجدير بالذكر أن شركة «بلو دوت» الكندية المتخصصّة في مراقبة الأمراض المعدية قد تمكنّت من تنبيه عملائها من المخاطر القادمة من الصين، اعتباراً من 31 ديسمبر الماضي، أي قبل عشرة أيام من منظمة الصحة العالمية، حيث تمكنت خوارزمية للذكاء الاصطناعي من اكتشاف الفيروس الصيني قبل إعلان المنظمة لذلك.