أتم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أولى جولاته في أفريقيا، مع وعد بتقديم الدعم الأميركي. وفي واشنطن، يستعد وزير الدفاع «مارك إسبر» للتوصية بتقليص كبير للوجود العسكري الأميركي هناك. والمشكلة أن الولايات المتحدة لا يمكنها التنافس بنجاح في القارة السمراء والانسحاب في نفس الوقت.
وفي الأشهر الأخيرة، ازداد قلق الكونجرس والحكومة بشأن مراجعة إسبر لمستويات القوات الأميركية في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يتوافق مع الوعد الذي قطعه الرئيس ترامب في حملته بإعادة القوات الأميركية في الخارج إلى الوطن وتوفير تكاليفها. وفي القيادة الأميركية في أفريقيا، أول منطقة يتم فحصها، يخطط إسبر للتوصية بإحداث تخفيض كبير يمكن أن يشمل إنهاء الدعم العسكري الأميركي للقوات الفرنسية التي تكافح الإرهاب في مالي وإغلاق قاعدة للطائرات من دون طيار في النيجر.
يقول السيناتور «الجمهوري» ليندسي جراهام إن هناك ما بين 800 – 1000 من القوات الأميركية التي تقدم خدمات النقل الجوي والتزويد بالوقود للقوات البرية الفرنسية التي تقاتل الإرهابيين في جميع أنحاء منطقة «الساحل». وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد التقى بـ«جراهام» على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في نهاية الأسبوع الماضي وطلب أن يبقى الأميركيون.
«قال رجاءً أخبر «ترامب» أننا ملتزمون بمحاربة الإرهاب، وسنقوم بالأعمال البرية، لكننا فقط بحاجة إلى الجسر الجوي الذي توفره لنا ومساعدة الاستخبارات. فمن دون مساعدتك، لن نكون فعالين»، كما أخبرني «جراهام». وأضاف «إن رئيس فرنسا يطلب منا أن نواصل مهمة تقديم الدعم التي ساعدتهم على السيطرة على الإرهابيين. تلك صفقة جيدة». وقد أثار «جراهام» وغيره من أعضاء مجلس الشيوخ هذه القضية مع «إسبر» في اجتماع منفصل في ميونيخ.
وكانت إدارة ترامب قد طالبت الحلفاء الأوروبيين بزيادة تقسيم الأعباء وقامت فرنسا بذلك. إن التكلفة منخفضة بالنسبة للولايات المتحدة. ولم نشهد أي خسائر. لذا فإن سحب البساط من تحت الفرنسيين بعد قيامهم بنشر القوات بناء على طلبنا سيقوض الأمر برمته.
وقال لي السيناتور «الديمقراطي» شيلدون وايتهاوس، الذي مارس أيضا ضغوطاً على «إسبر» بشأن هذه القضية «إذا كنا نريد أن يستجيب الحلفاء بطريقة إيجابية لتلك الأنواع من التشجيعات، فقد سجلت سابقة سيئة وهي أن تتخلى عنهم بمجرد قيامهم بتنفيذ ما طلبناه. وعلاوة على ذلك، هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به».
وبسؤاله عن ذلك علانية في ميونيخ، أشاد «إسبر» بالفرنسيين لتوليهم زمام القيادة في منطقة الساحل لكنه لم يكشف عن تفكيره بشأن مستقبل مهمة الدعم الأميركي. وقال «لقد تواصلوا بقوة من أجل ضم المزيد من الشركاء الأوروبيين، مع إحراز نجاح متباين وأنا أؤيد هذا الجهد بالكامل».
وهناك أيضا مخاوف من أن يوصي «إسبر» بتخفيض كبير للقوات الأميركية في شرق أفريقيا. فالقاعدة الأميركية في جيبوتي تضم نحو 4,000 من القوات الأميركية والقوات المتحالفة التي تدعم مهام مكافحة الإرهاب ضد حركة «الشباب» الإرهابية، وجهود مكافحة القرصنة والعديد من المهام الأخرى. كما أن الصين لديها قاعدة ضخمة في مكان قريب.
وتهدف المراجعة إلى تحويل الموارد إلى آسيا لتلبية دعوة استراتيجية الدفاع الوطني لزيادة التركيز على منافسة القوى العظمى الصاعدة. ولكن هذه الاستراتيجية نفسها تعد أيضا بتعزيز الشراكات في أفريقيا «للتصدي للتهديدات الإرهابية الكبيرة التي تهدد المصالح الأميركية...والحد من التأثير الخبيث للقوى غير الافريقية».
وفي داخل الإدارة، هناك قلق من أن عملية «إسبر» المتمركزة في البنتاجون قد أسفرت عن اعتبارات غير عسكرية لم تحظ باهتمام يذكر. فالدبلوماسيون الأميركيون وعمال الإغاثة في القارة السمراء يعتمدون على الأمن الذي توفره القوات الأميركية. كما يتم النظر في خفض قوة عمل الإنقاذ الطارئة التي أنشِئت بعد هجمات بنغازي في عام 2012. ويحذر المسؤولون الذين يؤيدون المراجعة من أن هذه ليست خطوة نهائية بل مجرد خطوة أولى. وهم يقولون إن الوقت قد حان لدراسة الأساس المنطقي وكفاءة تأثير القوات الأميركية في أفريقيا، والتي زادت بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، مما جلب معها تكاليف دعم هائلة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»