انتقل خطر فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) إلى مرحلة أكثر شراسة، في ظل تسارع زيادة أعداد ضحاياه في كثير من مناطق العالم المختلفة، وتم إعلانه وباء من قبل منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي أكد للجميع أن الأمر غاية في الخطورة، وأن ثمة إجراءات حاسمة لمواجهة هذه المصيبة الكبرى التي ألمت بالعالم المعاصر، وهذا الوضع الدقيق الذي تواجهه دول العالم حالياً بفعل الانتشار المتنامي للفيروس، عبر عنه بشكل دقيق مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، حين قال في مؤتمر صحفي عقده، يوم الأربعاء الماضي، إن فيروس كورونا المستجد هو «عدو للبشرية».
فرض الوضع الخطير الذي أنتجه انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) على كل دول العالم، اتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية الصارمة، التي وصلت إلى حد فرض حالة الطوارئ واستدعاء الجيوش الوطنية في عدد من دول العالم. وهذه الإجراءات غير المسبوقة تتناسب في واقع الأمر مع التحدي غير المسبوق الذي يشهده العالم خلال المرحلة الحالية بفعل انتشار هذا الوباء الخطير الذي قلب الأوضاع رأساً على عقب.
وقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، في ظل ما تتمتع به من سياسات عامة مبنية على التخطيط ذي الطابع الاستراتيجي المتكامل، وفي ظل ما تتمتع به أيضاً من وجود مؤسسات راسخة، تتم إدارتها بشكل متميز وفريد، من الدول السباقة في اتخاذ مثل هذه الإجراءات الاحترازية الصارمة لمواجهة وباء كورونا المستجد، وهي الإجراءات التي مثلت تفاعلاً مطلوباً مع حجم الخطر الذي بات يمثله هذا الوباء، التي تتسق في الوقت نفسه مع ما يحظى به الإنسان من قيمة مركزية في عقل القيادة الرشيدة للدولة، التي تعتبره أثمن ثروة يمكن أن يمتلكها أي مجتمع من المجتمعات.
وكان أحدث هذه الإجراءات التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة، إعلان وزارة الخارجية والتعاون الدولي، منع سفر المواطنين إلى الخارج مؤقتاً، حرصاً على سلامتهم وصحتهم في ظل الانتشار السريع للفيروس حول العالم والقيود المفروضة على السفر من قبل الدول والإغلاق التدريجي للرحلات حول العالم. كما قررت السلطات المختصة «تعليقاً مؤقتاً» لإجراءات الحصول على تأشيرة الدخول عند الوصول إلى منافذ الدولة لحملة الجوازات المعفية، باستثناء حملة الجوازات الدبلوماسية، وأوضحت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية أن هذا القرار سيسري حتى يتم تفعيل آلية للفحص الطبي في بلد المغادرة. كما قررت وزارة الموارد البشرية والتوطين تعليق إصدار جميع أنواع تصاريح العمل، بما فيها فئة العمالة المساعدة، ويستثنى من القرار تصاريح الانتقال الداخلي وتصاريح العمالة الخاصة بإكسبو 2020. كما قررت دولة الإمارات تعليق دخول حاملي الإقامة السارية الموجودين خارج الدولة وحتى أسبوعين قابلين للتجديد.
ومما لا شك فيه أن أحدث الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة وباء كورونا المستجد، والتي جاءت إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تم اتخاذها لتحقيق الهدف نفسه، تؤكد أن الدولة في مواجهة شاملة مع هذا الوباء، يتم خلالها حشد كل الجهود الممكنة وتطبيق كل الإجراءات اللازمة لمواجهة حاسمة مع هذا الوباء الشرس. وقد أثبتت إدارة الدولة لهذه المواجهة نجاحها، وسوف تنتصر الإمارات ومعها دول العالم في هذه المعركة التي صارت ذات طابع وجودي، ولكن المطلوب هو أن يلتزم الجميع، مواطنين ومقيمين بهذه الإجراءات وأن يعلموا أن مخالفتهم إياها لها تأثيراتها السلبية على الجهود الدؤوبة التي تبذلها مؤسسات الدولة المعنية، فضلاً عن أن هذه المخالفة تعد جريمة يعاقب عليها طبقاً لقوانين الدولة، كما أهاب النائب العام للدولة المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي بجموع المواطنين والمقيمين على أرض دولة الإمارات الالتزام بالتعليمات والقرارات الصادرة عن السلطات المعنية في الدولة، حرصاً على سلامتهم، وحتى لا يقعوا تحت طائلة القانون.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.