جاءت مبادرة التعليم عن بعد التي بدأ العمل بها في دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن حزمة من الإجراءات التي بادرت الدولة إلى القيام بها في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها العالم حالياً مع تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19). وقد جسدت هذه الإجراءاتُ الجاهزيةَ العاليةَ للدولة للتعامل مع مثل هذه المخاطر، من خلال منظومة مؤسسات قوية قادرة على مواجهة الأزمات الطارئة، كما جسدت قبل ذلك الحرص الشديد من قبل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات على صحة الإنسان كونه في نهاية المطاف، يمثل الثروة الحقيقية لأي مجتمع من المجتمعات.
وتؤكد مبادرة التعليم عن بعد التي تهدف إلى توفير أقصى معايير السلامة العامة في المجتمع المدرسي، حرص القيادة الرشيدة على ضرورة انتظام مسيرة العملية التعليمية حتى في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم خلال المرحلة الراهنة. وفي هذا السياق أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أن التعليم كالصحة لن يتوقف في جميع الظروف، وقال سموه: «حضرت اليوم (الأحد الماضي) أول يوم دراسي عن بعد في مدارس الدولة.. مليون ومئتي ألف طالب انتظموا في مدارسنا الحكومية ومدارس القطاع الخاص وجامعاتنا الوطنية.. المدارس توقفت.. والجامعات أغلقت... لكن التعليم لن يتوقف.. التعليم كالصحة لن يتوقف في جميع الظروف». وأضاف سموه: «استثمرنا في التعلم الذكي خلال السنوات العشر السابقة الكثير.. واليوم نجني الثمرة.. لدينا أنظمة ذكية في مدارسنا.. وبنية تحتية متكاملة.. ولدينا منصة (مدرسة) أيضاً التي تضم آلاف الدروس التعليمية العلمية الجاهزة لجميع المراحل.. زرعنا جهوداً.. واليوم نحصد علماً ومعارف مستمرة». والحاصل أن مبادرة التعليم عن بعد، التي تم تطبيقها منذ مطلع الأسبوع الجاري جاءت حلا لا بديل عنه، في ظل الأوضاع الاستثنائية التي خلّفها وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19). وتستهدف هذه المبادرة جميع طلبة مدارس الدولة ومؤسسات التعليم العالي ولمدة أسبوعين، وذلك تبعاً للقرار السابق الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم والمتمثل في تقديم إجازة الربيع وتعطيل الطلبة أربعة أسابيع، يخصص فيهما الأسبوعان الأخيران منها لمواصلة التعليم من خلال منظومة التعلم عن بعد.
وتؤكد المؤشرات أن تنفيذ مبادرة التعليم عن بعد في دولة الإمارات العربية المتحدة يسير على ما يرام، وهو ما يرجع إلى امتلاك الدولة بنية تكنولوجية متقدمة، تم العمل على ترسيخها والاستثمار فيها منذ سنوات عدة، فضلاً عن الاستعدادات الدؤوبة والجهود الكبيرة التي تم بذلها خلال الأسابيع القليلة الماضية، لكي يتم هذا التنفيذ بأقصى درجات الدقة، ومنها تنفيذ وزارة التربية والتعليم التدريب التخصصي عن بعد لأكثر من 25 ألف معلم وإداري في المدارس الحكومية إضافة إلى أكثر من 9200 معلم ومدير مدرسة من المدارس الخاصة، ونجحت الوزارة بالتعاون مع «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، في تأهيل أكثر من 67 ألف منتسب خضع للتدريب الإلكتروني.
وإذا كان تنفيذ مبادرة التعليم عن بعد يسير حتى الآن على النحو المخطط له، فإن التجربة قد تكشف عن عثرات هنا أو هناك، لكن هذه العثرات سيتم التغلب عليها، وفقاً للخطط الموضوعة من قبل وزارة التربية والتعليم، التي تتميز بالشمول والدقة. ومن المهم التشديد في هذا السياق على أن إنجاح هذه المبادرة منوط بالعديد من الجهات والمؤسسات. وهنا تجدر الإشارة على وجه خاص إلى الدور المهم الذي يجب أن يقوم به أولياء الأمور لجهة توفير بيئة تعليمية مناسبة لأبنائهم، على النحو الذي يكفل كل النجاح لمبادرة التعليم عن بعد، والتي ستمثل مرحلة جديدة في تطور المنظومة التعليمية.