يقول مشرّعون وخبراء إن الولايات المتحدة باتت هشة على نحو متزايد إزاء هجمات سيبرانية تستهدف المستشفيات وإمدادات الطعام ووظائف حيوية أخرى خلال جائحة فيروس كورونا الحالية، داعين إدارة ترامب إلى اتخاذ تدابير شجاعة لردع الخصوم.
ومؤخراً شن خصوم مجهولون ما يبدو أنه هجوم رقمي غير ناجح يهدف إلى خلق ضغط كبير على شبكات الكمبيوتر في وزارة الصحة الأميركية. هذا بينما نشرت محاولة خبيثة منفصلة ادعاءات تفيد بأن الرئيس ترامب يعتزم إعلان إغلاق تام للبلاد على الرسائل النصية والتطبيقات المشفرة ومنصات التواصل الاجتماعي.
وأخبرني النائب «مايك غالاغر»، الجمهوري عن ولاية ويسكونسون، والذي كان رئيساً مشاركاً لـ«لجنة سولاريوم للفضاء السبيراني» الأخيرة حول مستقبل الأمن السيبراني الأميركي، بأن «هناك لاعبين في الفضاء السيبراني يعتقدون أننا بتنا في حالة ضعف وهشاشة»، مضيفاً: «لكن أقل ما يجب علينا فعله هو أن ندفّع مَن يحاول اختبار قدراتنا في هذا المجال ثمناً غالياً. لا نريدهم أن يعتقدوا بأن الوقت الآن مناسب لاختبار الولايات المتحدة».
وزادت الجائحةُ المخاوفَ بين صقور الفضاء السيبراني من أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي لردع هجمات رقمية من خصومها، وهم يخشون من أن يشجع غياب عواقب جدية بعض الخصوم على استهداف خدمات أساسية مثل الرعاية الطبية وإمدادات المواد الغذائية ويكلف أرواحاً بشرية.
ويأتي التحذير في وقت باتت فيه أعداد ضخمة من عمال البلاد تعمل فجأة من بيوتها على معدات غير مألوفة أو لم تخضع للفحص، ما يزيد من احتمالات هشاشة رقمية يمكن أن يستغلها القراصنة.
السيناتور آنجوس كينج، المستقل عن ولاية ماين، الرئيس الآخر للجنة، حذّر من أن الفيروس «يبرز هشاشتنا (إزاء الهجمات السيبرانية) والغياب التام للوازع الأخلاقي لدى خصومنا».
وكان وزير العدل، وليام بار، قد حذّر من أنه ستكون ثمة عواقب «شديدة» في حال تبين أن مصدر الهجوم الذي استهدف وزارة الصحة الأميركية أو حملة المعلومات المغلوطة والمضللة، حكومة معادية، داعياً وزارة العدل إلى إيلاء الأولوية لمتابعة أي مجرمين سيبرانيين يسعون للاستفادة من الجائحة. لكنه لم يصف أي ردود محددة حتى الآن.
وشدد السيناتور كينج على أنه إذا مر الهجوم الإلكتروني الذي استهدف وزارة الصحة من دون عقاب، ورغم أنه لم يؤد إلى أي اضطرابات خطيرة في العمليات الحكومية، فإن تلك الإنذارات لن تردع هجمات مدمرة أكثر في المستقبل. وأشار إلى مثال لما يريد تفاديه: هجوم من أجل فدية في جمهورية التشيك الأسبوع الماضي استهدف مستشفى جامعياً وأغلق الخادم الحاسوبي للمستشفى في وقت كان يتعاطى فيه الأطباء مع تفشي فيروس كورونا.
ولتقريب الصورة من الأذهان أكثر، فقد بدا أن هدف محاولة إشاعة معلومات مغلوطة نهاية الأسبوع الماضي هو دفع الناس إلى التدفق بكثافة على المتاجر من أجل شراء الإمدادات قبل دخول أي قيود جديدة حيز التنفيذ. وعلى سبيل المثال، فإن هجوماً أكثر إضراراً يمكن أن يستهدف البيانات التي تستخدمها متاجر البقالة أو الشركات الزراعية من أجل عرقلة تدفق المواد الغذائية على السوق. وقال كينج: «إذا لم يخش الآخرون رداً ما، فسيواصلون فعل هذه الأشياء».
وتجاه روسيا بشكل خاص، كانت الولايات المتحدة قد ردت على اعتداء رقمي في الماضي بعقوبات وبتوجيه لوائح اتهام، بما في ذلك عقب ما قيل إنه تدخل روسي في انتخابات 2016، لكنها لم تقم برد قوي جداً لدرجة تردع مزيداً من الهجمات.
«إنها الرسالة الصحيحة التي ينبغي إرسالها، غير أنه ينبغي أن تكون ثمة متابعة»، يقول كريس بينتر، الدبلوماسي الرفيع المكلف بالأمن السيبراني في وزارة الخارجية خلال إدارة أوباما، مضيفاً: «لقد سبق أن تعرضنا لهجمات سيئة من قبل، بما في ذلك على ديمقراطيتنا، ولم نكن جيدين في المتابعة».
ويقول مشرعون وخبراء إن على إدارة ترامب أن تشرح بوضوح أي نوع من الهجمات سيستدعي رداً، وشكل الرد، وكيف يمكن للخصوم أن يتجنبوا تصعيد الوضع وخروجه عن السيطرة.
وقال جون بيتمان، المحلل السابق في وكالة استخبارات الدفاع وزميل الأمن السيبراني في مركز كارنيجي للسلام الدولي: «من الصعب القول إن من شأن التصريحات لوحدها إحداث تغيير». غير أنه يمكن لاستراتيجية تقوم على إعلان أسماء الخصوم المتورطين للجمهور أن تكون أكثر فعالية في زمن الجائحة، لأن الناس ينظرون إلى الفيروس باعتباره تحدياً عالمياً، كما يقول بيتمان.

*كاتب مختص في الأمن السيبراني
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»