لا شك أن بث روح الطمأنينة وإشاعة التفاؤل بين أفراد المجتمع هي الأساس في أي إدارة ناجحة للأزمة، خاصة إذا كانت من نوعية فيروس كورونا الذي أحدث منذ ظهوره حالة من الهلع انتابت ولاتزال دول العالم أجمع، فالمجتمعات تكون في أمس الحاجة إلى من يُهدّأ روعها ويبث فيها شحنات الأمل والثقة والقدرة على تجاوز الأزمة في هذه الأوقات.
لقد جاءت كلمات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قبل أيام لتسكن وجدان جميع الشعب الإماراتي، مواطنين ومقيمين، وتؤكد البعد الإنساني العميق الذي تتمتع به القيادة الرشيدة في إدارة الأزمات والتعامل مع التحديات مهما كانت طبيعتها ودرجة خطورتها. إن كلمة سموه «لا تشلون هم» جاءت كالبلسم على القلوب، ورسخت من مشاعر الطمأنينة لدى جميع من يعيش على أرض الإمارات في وقت لا يزال يعيش فيه العالم «فوبيا» الخوف والهلع بسبب الانتشار المتسارع لفيروس كورونا.
«لا تشلون هم» أكثر من مجرد رسالة طمأنة، أنها تعبر عن فلسفة الإمارات في بناء الإنسان، والاستثمار فيه باعتباره الثروة الحقيقية التي ينبغي الحفاظ عليها، والتي تتجسد في مختلف السياسات والاستراتيجيات العامة التي تستهدف توفير مقومات الحياة الكريمة لأبناء الوطن، وترسيخ شعورهم بالأمن والاستقرار.
في الوقت الذي جاء فيه خطاب العديد من قادة دول العالم باعثاً على الخوف والقلق، وتضمن مفردات مثل «استعدوا لفراق أحبائكم.. الأزمة لا تزال في بدايتها.. فقدنا السيطرة... لا أمل يلوح في الأفق»، جاءت كلمة سموه تحمل أسمى معاني النبل والإنسانية «نحن لا نعيش لأنفسنا فحسب، بل نعيش لنؤمن مستقبل أولادنا وأحفادنا... المواطنون والمقيمون على هذه الأرض أمانة في أعناقنا وتأمين سلامتهم واجب»، كلمات ستظل خالدة في ذاكرة الوطن، وتؤكد أن مشاعر الحب الجارفة التي يحظى به سموه لم تأت من فراغ، وإنما هي تعبير عن الثقة في رؤيته الحكيمة والإيمان بقيادته الملهمة وعمله الدؤوب على مدار الساعة من أجل تأمين حياة أفضل لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
لقد أثبتت الإمارات في تعاملها مع أزمة كورونا أنها ليست مسؤولة فقط عن شعبها وكل من يعيش على أراضيها، بل أكدت أيضاً التزامها الإنساني والأخلاقي تجاه الدول والشعوب التي تعاني بشدة من انتشار فيروس كورونا، لأنها تؤمن أنها جزء من هذا العالم وتحرص على أن ينعم بالأمن والسلام، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تعزيز أواصر التضامن والتعاون والاصطفاف في مواجهة هذه الأزمة الخطيرة التي تهدد البشرية في وقتنا الراهن.
لقد اتخذت الإمارات كل الإجراءات التي من شأنها التعامل مع أزمة كورونا، ويبقى التزام ووعي المجتمع وتحمل مسؤولياته العامل الحاسم في هذا الأمر، فالدول التي تعاني الآن من انتشار الفيروس بشراسة لم تأخذ شعوبها الأمر بجدية، وكانت نتيجة ذلك خروج الأمور عن السيطرة، فما نراه من مشاهد صعبة من وفاة المئات وإصابة الآلاف على مدار الساعة في العديد من دول العالم لا شك يحملنا مسؤولية مضاعفة تجاه وطننا وأبنائنا وأحفادنا والأجيال المقبلة، بالالتزام بكافة التعليمات والإرشادات الحكومية من أجل عبور هذه الأزمة بسلام، ونحن قادرون على تحمل هذه المسؤولية في هذا الظرف الدقيق، وإبراز الوجه الحضاري للشعب الإماراتي في التعامل مع الأزمات.
لقد قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان «لا تشلون هم»، ونحن نقول «مب شالين هم»، لأننا على ثقة بأننا في أيدي أمينة تعمل ليل نهار كي يظل هذا الوطن آمناً قوياً ينعم أبناؤه بالأمان والطمأنينة، «مب شالين هم» لأننا على ثقة بحاضرنا ومتفائلون بمستقبل أجيالنا المقبلة، «مب شالين هم» لأننا في دولة تسهر على أمنها واستقرارها قيادة ترعى شعبها وشعب يعشق قيادته.