أثار انتشار فيروس كورونا المستجد تحديات كثيرة للمجتمعات والدول، التي تحتاج إلى تعاون الجميع للتعامل معها، حيث لا يمكن للدول أو الجهات الرسمية القيام بهذه المهمة وحدها، لذلك تبرز الحاجة في مثل هذه الظروف إلى انخراط الجميع كلٌّ بحسب طاقته وإمكاناته، من أجل تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة هذا الخطر، والحد من تداعياته، وتقليل أضراره إلى أدنى حد ممكن. ومن هنا تأتي أهمية المبادرات الشبابية التي يمكن أن تكون فاعلة، بل وحتى حاسمة في كثير من الأحيان، حيث تخدم جهود الدول في مكافحة الوباء وسرعة التخلص منه، والأهم أيضاً معالجة آثاره المتعددة.
وفي هذا السياق، أطلقت المؤسسة الاتحادية للشباب 9 مبادرات وطنية بهدف رفع جاهزية الشباب الإماراتي، وتعزيز دوره الفاعل في التعامل مع الأوبئة، والحد من تأثيراتها المجتمعية في مناحي الحياة كافة بدولة الإمارات، وذلك بالشراكة مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ووزارة تنمية المجتمع، والهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والمجلس الوطني للإعلام، والهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية.
وتنطوي هذه المبادرات على أهمية كبيرة، فهي: أولا، تأتي في ظل ما يشهده العالم من تطورات مهمة بسبب تفشي فيروس كورونا، تطورات تؤكد أهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به الشباب، في مواجهة هذا الوباء، حيث تتضاعف مسؤولية الشباب في مثل هذه الظروف، وهناك رهان دائم عليهم في دولة الإمارات. وكما أكدت معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي، وزيرة دولة لشؤون الشباب، رئيسة مجلس إدارة المؤسسة الاتحادية للشباب، فإن «الشباب قادرون بهمتهم المستمدَّة من إرث الآباء المؤسسين على الاستمرار في العمل الجاد والمخلص والسعي نحو تطوير آليات مواجهة الأوبئة في الدولة، والتعاون مع مختلف الأطراف في نهج تشاركي يستهدف المصلحة العليا للوطن، وهو نهج يعكس مدى التزام الشباب برؤية الحكومة الرشيدة التي تضع صحة المواطنين ووقايتهم على رأس الأولويات». وثانياً، تمثل فرصة مهمة للشباب أنفسِهم، لكي يكتسبوا الخبرات والمهارات التي تمكنهم من التعامل مع مختلف الظروف، وخاصة في أيام الأزمات، من خلال تدريبهم وتثقيفهم بشكل متخصص، وإكسابهم مختلف المعارف والمهارات من أجل المساهمة الفاعلة في الوقاية من الأوبئة، والمشاركة في إدارة الأزمات ومعالجة آثارها على المديين القريب والبعيد، بما يسهم في وقاية المجتمع الإماراتي، والبدء بتنفيذ خطط استراتيجية للتعامل مع مختلف الأزمات في المستقبل. وثالثاً، تسهم في تعزيز وترسيخ العادات والقيم المهمة في التعامل مع الأوبئة، وخاصة لدى فئة الشباب التي تتميز بالحيوية، والاندفاع أحياناً، لذلك يكون من المهم استثمار الروح الشبابية للحد من آثار مثل هذه الأوبئة، وضرورة توعية الشباب بكيفية استثمار الوقت بشكل أمثل أثناء أدائهم مهامهم المختلفة في حال العمل من المنزل، وفي غير ذلك من الظروف والحالات التي تتطلب فاعلية الشباب وحيويتهم.
إذن، مواجهة الخطر الذي يمثله فيروس كورونا ومكافحته لا يمكن أن تنجح أو تتحقق على الشكل المطلوب ما لم يكن هناك إحساس بالمسؤولية من قِبل كامل أفراد المجتمع وفئاته المختلفة، وخاصة تلك التي يعوَّل عليها كثيراً في مثل هذه الظروف، مثل الشباب، لذلك فإن هذه المبادرة تنطوي على أهمية كبيرة، ليس فقط في الحد من آثار الجائحة، ولكن أيضاً في التخلص من الآثار الكارثية التي تخلفها على أكثر من صعيد، وفي الوقت نفسه تمثل حافزاً للجميع من أجل المشاركة والقيام بما يجب أن يقوموا به في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها مجتمعنا والعالم أجمع.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.