هناك اهتمام كبير وشامل بالإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا الاهتمام ليس مستحدثاً، بل إنه كان، ولا يزال في صلب اهتمام القيادة الرشيدة للدولة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر 1971، على يد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وينطلق اهتمام الدولة بالإنسان من حقيقة أساسية مفادها، أن الثروة البشرية، هي الثروة الأكثر أهمية، التي يمكن أن يمتلكها أي مجتمع من المجتمعات، فالإنسان عماد كل تنمية، وهدفها في الوقت نفسه.
وضمن هذا الاهتمام حازت قضية الخدمات الصحية المقدمة لمواطني الدولة والمقيمين فيها أهمية خاصة، فتم إنشاء الكثير من المستشفيات في أنحاء الإمارات كافة، وتم تجهيزها بأحدث الأجهزة، بحيث أصبح الوصول إلى هذه الخدمات في كل شبر من الدولة متاحاً ويسيراً، ومدت الدولة خدمة التأمين الصحي لتشمل كل المواطنين والمقيمين، بل والزائرين، واستقطبت الدولة الآلاف من الكوادر الطبية صاحبة الخبرة الكبيرة للعمل في هذه المستشفيات، مع الاهتمام في الوقت نفسه بتطوير كادر طبي من مواطني الدولة، تلقى الكثيرون من عناصره التعليم في أرقى الجامعات العالمية.
وفي ظل هذه الظروف العصيبة التي يعيشها العالم خلال المرحلة الحالية، بفعل تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة من أجل ضمان سلامة كل المواطنين والوافدين، وتقديم أفضل مستوى للرعاية الصحية. وقد بدأت هذه الجهود مبكراً لتوفير أقصى الضمانات التي تحول دون انتشار هذا الوباء، وخاصة أن دولة الإمارات واحدة من أكثر دول العالم انفتاحاً، ويعيش فيها أشخاص ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية. وقد أنتجت هذه الجهود نجاحاً كبيراً، حيث نجحت الدولة في حصار هذا الوباء من خلال منظومة متكاملة من الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها بشكل متدرج.
وتنتقل هذه الجهود إلى مراحل نوعية وأكثر رصانة وتتطور بشكل مستمر، لرفع مستوى الجاهزية لمواجهة هذا الوباء الفتاك، وفي هذا السياق، افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، أول أمس السبت، «مركز إجراء الفحص من المركبة» للكشف عن فيروس كورونا «كوفيد-19» لأفراد المجتمع، وهي المبادرة التي أطلقتها شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» بالتعاون والتنسيق مع دائرة الصحة في أبوظبي، في مدينة زايد الرياضية. وقد أكد سموه أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تولي حياة الإنسان وصحته وسلامته أهمية قصوى وتضعه على قمة أولوياتها، مضيفاً سموه أن الدولة ستواصل تعزيز التدابير والإجراءات والمبادرات الاستباقية التي تضمن سلامة مجتمعها من مواطنين ومقيمين وزائرين لأرضها، والحفاظ على أرواحهم وصحتهم، وأشاد سموه بجهود القطاعات والمؤسسات في الدولة كافة، وكوادرها المخلصة التي تؤدي مهامها بكفاءة عالية ومسؤولية ومهنية خلال هذه الظروف الاستثنائية والتحدي الصعب، خاصة خط الدفاع الأول في مواجهة «فيروس كورونا»، من الكوادر الطبية والتمريضية والصحية كافة، وكل من ينتمي إلى القطاع الصحي بفروعه جميعها.
وتستمد خطوة تأسيس أهميتها من اعتبارات أساسية عدة: أولها، أنه يتم من خلاله إجراء الفحوصات اللازمة خلال 5 دقائق تقريباً. وثانيها، أن المركز يقدم خدماته إلى حوالي 600 شخص يومياً، ابتداء من الساعة الثامنة صباحاً، وحتى الساعة الثامنة مساء، طوال أيام الأسبوع، فيما تعطى أولوية الفحص لمن لديهم أعراض مرضية، ومن لديهم أمراض مزمنة، ولكبار المواطنين والحوامل. وثالثها، أن المركز يمثل إضافة مهمة لسلسلة الخطوات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدولة، والكفيلة بحفظ أمنها الصحي والاجتماعي والاقتصادي لتتجاوز الوضع الراهن الصعب، الذي أصاب دول العالم قاطبة بحالة من القلق الشديد.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.