في كتابه المعنون بـ«الشورى في الإمارات»، يُسلّط الشيخ الدكتور محمد بن مسلم بن حم العامري، الضوء على التجربة الإماراتية في الالتزام بالشورى نهجا للحكم وأسلوبا للحياة منذ القدم، وسعى المؤلف إلى إبراز الخصوصية التي تعاملت بها القيادة في الإمارات بحكمتها ونقاء بصيرتها، مع الشورى بمرونتها وشموليتها. ويوضح أيضاً كيف حمت القيادة هذا النهج، وطورت تطبيقاته بما ناسب كل المراحل، وكان آخرها مرحلة التمكين التي تعيشها البلاد حاليا. ويقول الكاتب: أسس الشيخ زايد بن سلطان (طيب الله ثراه) مدرسة فكرية اعتمدت على علاقة تعاونية بين الحاكم والمواطنين تكون أساساً للتنمية، وتلبية احتياجات المواطنين. يضم الكتاب ثلاثة فصول، فتحت عنوان «الشوري إرث ثقافي»، يعرض الفصل الأول الشورى في الإمارات منذ القدم إلى ما قبل قيام الاتحاد، ويعالج مفهومي الشورى والديمقراطية لغة واصطلاحاً. ويأتي الفصل الثاني تحت عنوان «المجالس الاستشارية في الإمارات»، ويبين خلاله الكاتب مسيرة كل من المجلسين الاستشاريين في أبوظبي والشارقة، وما شكله كل من المجلسين من خطوات متقدمة في التزام القيادة الرشيدة بتأصيل مبدأ الشورى. ويشير الشيخ الدكتور محمد بن مسلم في الفصل الثالث من الكتاب، والمعنون بـ«التمكين والمشاركة السياسية»، إلى أنه منذ تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم عام 2004، والمجلس الوطني الاتحادي يشهد تحولات مفصلية، ارتكزت على برنامج وطني يعزز مبدأ الشورى ويوسع صلاحيات المجلس الوطني الاتحادي، وشهد المجلس انتخابات لتجديد نصف أعضائه في عامي 2006 و2011. ويسرد المؤلف للتطورات التي شهدها المجلس الوطني الاتحادي، معتبراً أنه منذ 16 ديسمبر 2006 بدأ المجلس فصله التشريعي متكئاً على نخبة جديدة من ممثلي الشعب بعد أول تجربة انتخابية، وفي كلمة لصاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله وجهها في 20 سبتمبر 2011، أي عشية انتخابات المجلس الوطني الثانية، أكد العزم على المضي قدماً في تطوير المشاركة السياسية وتمكين المجلس الوطني، الذي أشاد بدوره وبتأثيره وبدعمه في صنع القرار. ويرى المؤلف أن نهج الشورى قد أصّلَه الشيخ زايد بحرصه الكبير على الالتقاء بالمواطنين في مختلف أنحاء البلاد والاستماع إلى آرائهم، وتحقيقاً لهذا الهدف، تم إنشاء الهيئات والمجالس الاستشارية التي تتطلبها تطورات أنظمة الإدارة في الحكم، فظهر المجلس الاستشاري الوطني في أبوظبي عام 1971، ومع انطلاق دولة الإمارات العربية المتحدة، تأسس المجلس الوطني الاتحادي في عام 1972، ومع دخول القرن الحادي والعشرين، اتجهت القيادة نحو تمكين المجلس الوطني الاتحادي ليقوم بدوره في التعبير عن هموم المواطنين، من خلال خطوات عملية كان أهمها الانتقال من مرحلة التعيين إلى مرحلة انتخاب أعضاء المجلس، ضمن إطار مدروس ومتدرج ومنسجم مع طبيعة المجتمع وخصوصيته. ويؤكد المؤلف على أن انتخابات المجلس الوطني الاتحادي أتت كخطوة جديدة في ديمقراطية متأصلة في نفوس الإماراتيين، بخصوصية قد لا يعرفها مجتمع غير مجتمعهم، وتتمثل في جلوس الحاكم مع مواطنيه في أماكن تواجدهم بعيداً عن أي رسميات، حيث يسمع منهم مباشرة. واختتم الشيخ الدكتور محمد العامري الفصل الثالث بأن الشورى عنوان للحكم في الإمارات، عرفها أهل الإمارات منذ القدم وحافظوا عليها كنهج أصيل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، إذ يسجل التاريخ أن أهل الإمارات عاشوا طوال حياتهم في حوار مفتوح بين الجميع ويشهد على ذلك مجالس الشيوخ والحكام التي لم توصد أبوابها يوماً، بل هي مفتوحة دوماً لكل أبناء الشعب وأطيافه. طه حسيب كتاب: الشورى في الإمارات المؤلف: الشيخ الدكتور: محمد بن مسلم بن حم العامري تاريخ النشر: الطبعة الأولى 2015