بعد ثلاثمائة وسبعة وثمانين يوماً من احتلال المكلا بدأت العملية العسكرية لتحرير الساحل الحضرمي من الخوارج وعناصر الإرهاب الذين «استلموا» المدينة استلاماً في الثاني من أبريل 2015م، لم يكن في مخيلة أحد أن تسقط المكلا والشحر وشحير وغيل باوزير هذا السقوط المريع، ولم يكن يتصور أحد أن تختزل العملية في مجرد استبدال ملابس من عسكرية إلى أفغانية، مشهد مبتذل، لكنه مشهد حقيقي برغم ما فيه من ألم وفزع يبقى مشهداً حقيقياً لا تمثيل فيه. المحافظ المقال باحميد لم يجد سوى أن يطلق قدميه إلى خارج حضرموت، فلقد انتهت المهمة بنجاح، سلمت المكلا تسليماً، أمام عيناه المفتوحتين، سلمت المكلا ومازال المقال باحميد يمارس عاداته بكتابة منشوراته الواهمة على صفحته في «الفيس بوك» حيث يستمتع وآخرون بدغدغة عواطف الغائبة عقولهم، الفارغة رؤوسهم من كل شيء غير التفاهات الرخيصة، مع المقال باحميد كُتب فصل آخر من تاريخ المكلا، سُلمت كلها للخوارج، هذه هي كامل الحقيقة، وما تبقى هو الكذب. حضرموت تعيش اللحظة على وقع الأخبار العاجلة الآتية من الأرض، الأنباء تتوالى عن بداية العملية العسكرية، وما تم التحضير له على مدى أشهر طويلة من الإعداد والتجهيز يوشك أن ينفذ، الاستخبارات التي انتشرت وجمعت المعلومات وأحصت كل المفخخات والألغام المزروعة باتت كلها معلومات للاستهلاك العسكري، طيران التحالف العربي يقصف المواقع التي يسكنها الأوغاد، وأسود القوة الإماراتية يتقدمون صوب الساحل الحضرمي في معيتهم قوة حضرمية .. حضرمية وفي معيتها أبناء الضالع ولحج وأبين وعدن وشبوة فكل الوطن معاً. الذين حملوا إلى جنرال حزب الإصلاح العجوز وثيقة الوهم، وكذلك الذين طعنوا خاصرة الوطن، أولئك الواهمون وحدهم في قبضة الحقيقة، كتابة التاريخ كانت هناك في الرابع من يوليو 2015م، استشهد على تراب عدن حضرمي وسعودي وإماراتي، دُفنَ الحضرمي إلى جوار اليافعي والضالعي، اشتملهم قبر واحد، بكت عليهم عيون أمهات، وزغردت الشقيقات مع الطلقة الأولى التي أصابت الجسد. شهداؤنا الذين امتزجت دماؤهم الطاهرة بتراب عدن هُم رصيدنا العظيم، وإرثنا الخالد، بشهدائنا في معركة السهم الذهبي نشعر بكامل الانتماء لعروبتنا، المعركة لم تكن اختياراً، بل كانت قراراً من ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز، وكنا جميعاً، كُل في مكانه جنوداً في حرب ضد مشروع تمدد إيراني بترناه على حدود الجنوب، كلنا نفاخر معاً، الضالعي كما المهري، الحضرمي واليافعي، الشبواني والأبيني، نفاخر أننا جميعاً انحزنا إلى مشروع العرب، إلى فرسان الإمارات وشهامة أبناء زايد، هنا تكمن قوتنا، ومن هنا يكمن كل مشروعنا، مشاركتنا في الدم الواحد. مرة أخرى يتعين على النخاسين أن يلبسوا العباءات ويتواروا عن أبطال حضرموت القادمين من رماه، ومن المسيلة، كظمناها في صدورنا أشهراً طويلة كان فيها الإعداد، كان فيها الصبر، كانت مشهودة بالطعنات المتواليات، اليوم ليس سوى مدد لتلكم الأيام العسيرة، اليوم معركة تحتاج إلى قلوب شديدة، إلى مؤمنين صادقين مخلصين لربهم ولشهدائهم وترابهم معاهدين، إما بالنصر أو الشهادة. في المكلا والشحر والغيل الباوزيرية مئات الآلاف من المحتجزين والمختطفين والمظلومين، لم ينظر إليهم النخاسون عندما اجتاحتهم أوبئة خلفها تشابالا، بل تحينوا فرصة البيع والشراء، هذا هو حزب الإصلاح ذراع من أذرعة حركة الإخوان المسلمين الإرهابية، وتلك هي فلول المؤتمر الشعبي العام، وهؤلاء نحن الشعب الحضرمي الصادق عند عهده الأول بدم الشهداء الأوائل بن همام وبارجاش، عهد الدم بالدم، عهد الشرف بالشرف، عهد لله أن لا يباع الدم لأحزاب اليمن ونحن أحياء أبداً. الكتابة في هذا النهار الحضرمي ليست كالكتابة في يوم آخر، نشعر بأننا نمتلك الرصاصة التي تنتصر من كل الظلم والقهر، رصاصة تمهد الطريق ليعبر الوطن عبر منافذه السياسية، هنالك حيث رضخت القوى كلها أمام مليونية استقلال الجنوب فخرج الجواب من الكويت أن الجنوب قضية عادلة لا بد وأن تدرك مسارها، عدن المحررة تنتظر تحرير المكلا لتكتمل الصورة .. فتحرير حضرموت يعني تحرير وطن.